للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّلام مع اعتقاده وجوبه عمدا بطلت صلاة الامام قال فى المبدع فى صلاتهم روايتان وفى الشرح وجهان .. قلت مقتضى مما تقدم بطلان صلاتهم وان كان محله بعد السّلام لم تبطل صلاته ولا صلاتهم. والمأموم الذى فارق الامام (١) لعذر فى القيام قبل قراءة الفاتحة قرأ لنفسه لصيرورته منفردا قبل سقوط‍ فرض القراءة عنه بقراءة الامام، وان فارقه بعد قراءة الفاتحة فله الركوع فى الحال لأن قراءة الامام قراءة للمأموم، وان فارقه فى اثناء القراءة يكمل ما بقى من الفاتحة وان كان المأموم فى صلاة ظهر أو عصر أو فى الاخيرتين من العشاء مثلا وفارق الامام لعذر بعد قيامه وظن ان امامه قرأ لم يقرأ أى لم تلزمه القراءة اقامة للظن مقام اليقين والاحتياط‍ القراءة، وان فارقه لعذر فى ثانية الجمعة وقد أدرك الأولى معه اتم جمعة لأن الجمعة تدرك بركعة وقد أدركها مع الامام، فان فارقه فى الركعة الأولى من الجمعة فكمزحوم فيها حتى تفوته الركعتان يتمها نقلا ثم يصلى الظهر وتبطل صلاة مأموم ببطلان صلاة امامه لارتباطها بها لا عكسه أى لا تبطل صلاة امام ببطلان صلاة مأموم سواء كان بطلان صلاة الامام لعذر كأن سبقه الحدث أو لغير عذر كأن تعمد الحدث أو غيره من المبطلات للصلاة، فلا استخلاف للمأموم اذا سبق امامه الحدث، ولا يبنى المأموم على صلاة امامه حينئذ بل يستأنفها لبطلانها وعنه لا تبطل صلاة مأموم اذا كان بطلان صلاة الامام لعذر بأن يسبقه الحدث، واذا قلنا بعدم بطلانها فانهم يتمونها جماعة بغيره يستخلفونه أو يتمونها فرادى واختار القول بعدم بطلان صلاة المأموم ببطلان صلاة امامه لعذر جماعة من الأصحاب، وعلى هذا القول لو نوى أحد المأمومين الامامة لاستخلاف الامام له اذا سبقه الحدث صح ذلك منه للعذر لما روى البخارى أن عمر لما طعن أخذ بيد عبد الرحمن ابن عوف فقدمه فأتم بهم الصلاة ولم ينكر فكان كالاجماع ولفعل على أيضا وان سبق (٢) اثنان فأكثر ببعض الصلاة ثم سلم الامام فأئتم أحدهما لصاحبه فى قضاء ما فاتهما صح، ولو أئتم مقيم بمثله فيما بقى من صلاتهما - اذا سلم امام مسافر - صح ذلك لأنه انتقال من جماعة الى جماعة أخرى لعذر فجاز كالاستخلاف وذلك يشبه قضية أبى بكر رضى الله تعالى عنه من حيث الانتقال من جماعة الى جماعة أخرى، لأن الصحابة كانوا مؤتمين بأبى بكر فصاروا مؤتمين بالنبى صلّى الله عليه وسلّم فكانت المشابهة فى الانتقال من جماعة الى أخرى، ومحل صحة اقتداء المسبوق بمثله اذا سلم الامام فى غير جمعة اذ لا يصح ذلك فى الجمعة لأنها اذا أقيمت بمسجد مرة لم تقم فيه مرة ثانية قاله القاضى، ومن أحكام الاقتداء النية بالنسبة للامام والمأموم فقد جاء فى كشاف القناع (٣): ان من شرط‍ الجماعة ان ينوى الامام أنه مقتدى به وينوى المأموم أنه مقتد كالجمعة لأن الجمعة تتعلق بها أحكام وجوب


(١) المرجع السابق على متن الاقناع ج ١ ص ٢١٥ الطبعة السابقة.
(٢) كشاف القناع على متن الاقناع ج ١ ص ٢١٦ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق على متن الاقناع ج ١ ص ٢١٣ الطبعة السابقة.