للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونوت هى ذلك فصلاته تامة وصلاتها باطلة فان نوى أن يؤمها وهى قادرة على التأخر عنه فصلاتهما جميعا فاسدة فان كانا جميعا مؤتمين بامام واحد ولا تقدر هى ولا هو على مكان آخر فصلاتهما تامة، وأن كانت قادرة على التأخر وهو غير قادر على تأخيرها فصلاتها باطلة وصلاته تامة، فلو قدر على تأخيرها فلم يفعل فصلاتهما جميعا باطلة لما روى عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه قال: صلى بى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبامرأة من أهلى فاقامنى عن يمينه والمراة خلفنا فصح أن مقام المراة والمرأتين والاكثر انما هو خلف الرجال ولابد، لا مع رجل واحد أصلا ولا امامه وان موقف الرجل والرجلين والاكثر انما هو امام المرأة والمرأتين والأكثر ولابد، فمن تعدى موضعه الذى أمره الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن يصلى فيه وصلى حيث منعه الله كذلك فقد عصى الله عز وجل فى عمله ذلك ولم يأت بالصلاة التى أمر الله بها والمعصية لا تجزئ عن الطاعة، (١) وفرض على المأمومين تعديل الصفوف الأول فالأول والنراص فيها والمحاذاة بالمناكب والأرجل فان كان نقص كان فى آخرها، ومن صلى وامامه فرجة فى الصف يمكنه سدها بنفسه فلم يفعل بطلت صلاته فان لم يجد فى الصف مدخلا فليجتذب الى نفسه رجلا يصلى معه فان لم يقدر فليرجع ولا يصلى وحده خلف الصف الا أن يكون ممنوعا فيصلى ويجزئه وأيما رجل صلى خلف الصف بطلت صلاته ولا يضر ذلك المرأة شيئا وقد ورد فى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلى خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة، (٢) وروى أن عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه قال: اذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف وحاذوا بالمناكب فاعتدال الصف من تمام الصلاة كذلك لا يجوز أن يكون بين الامام والمأموم فاصل فقد قال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه: من كان بينه وبين الامام نهر أو حائطا وطريق فليس مع الامام قال ابن حزم: هذا فعل الخليفتين بحضرة الصحابة لا يخالفهم فى ذلك أحد منهم، وجائز للامام (٣) أن يصلى فى مكان جميع المأمومين وفى أخفض منه سواء فى كل ذلك العامة والأكثر والاقل فان أمكنه السجود فحسن والا فاذا أراد السجود فلينزل حتى يسجد حيث يقدر حتى يرجع الى مكانه، وذكر صاحب المحلى (٤): أنه لم يأت قط‍ قرآن ولا سنة ولا اجماع ولا قياس يوجب اتفاق نية الامام والمأموم وكل شريعة لم يوجبها قرآن ولا سنة ولا اجماع فهى غير واجبة وهذه شريعة لم يوجبها شئ مما ذكرنا فهى غير واجبة قال على: ومن المحال أن يكلفنا الله تعالى موافقة نية المأموم منا لنية الامام لقوله تعالى: لا يكلف الله نفسا الا وسعها وليس فى وسعنا علم ما غيب عنا من نية الامام


(١) المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج ٤ ص ٥٢ الطبعة السابقة
(٢) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٤ ص ٥٨ الطبعة السابقة
(٣) المرجع السابق لابن حزم الظاهرى ج ٤ ص ٨٤ الطبعة السابقة
(٤) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٤ ص ٣٢٤ ص ٢٢٥ الطبعة السابقة