للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى الجملة حتى لو أمت النساء جاز وينبغى ان تقوم وسطهن لما روى من عائشة رضى الله تعالى عنها أنها أمت نسوة فى صلاة العصر وقامت وسطهن وأمت ام سلمة نساء وقامت وسطهن ولأن مبنى حالهن على الستر وهذا استر لهما الا أن جماعتهن مكروهة عندنا والصبى العاقل يصلح اماما فى الجملة بأن يؤم الصبيان فى التراويح وفى امامته البالغين فيها اختلاف المشايخ فأما المجنون والصبى الذى لا يعقل فليسا من أهل الامامة اصلا لأنهما ليسا من أهل الصلاة (١).

وجاء فى بدائع الصنائع (٢): أنه لا يجوز الاقتداء بالكافر ولا اقتداء الرجل بالمرأة لأن الكافر ليس من أهل الصلاة والمرأة ليست من أهل امامة الرجال فكانت صلاتها عدما فى حق الرجل فانعدم معنى الاقتداء وهو البناء ولا يجوز اقتداء الرجل بالخنثى المشكل لجواز ان يكون امرأة، ويجوز اقتداء المرأة بالمرأة لاستواء حالهما الا ان صلاتهن فرادى افضل لان جماعتهن منسوخة، ويجوز اقتداء المرأة بالرجل اذا نوى الرجل امامتها وعند زفر رحمه الله تعالى نية الامامة ليست بشرط‍ وروى الحسن بن أبى حنيفة أنها اذا وقفت خلف الامام جاز اقتداؤها به وان لم ينو امامتها ثم اذا وقفت الى جنبه فسدت صلاتها خاصة لا صلاة الرجل وان كان نوى امامتها فسدت صلاة الرجل وهذا قول أبى حنيفة الأول ووجهه أنها اذا وقفت خلفه كان قصدها أداء الصلاة لا افساد صلاة الرجل فلا تشترط‍ نية الامامة واذا قامت الى جنبه فقد قصدت افساد صلاته فيرد قصدها بافساد صلاتها الا أن يكون الرجل قد نوى امامتها فحينئذ تفسد صلاته لأنه ملتزم لهذا الضرر وكذا يجوز اقتداؤها بالخنثى المشكل لانه ان كان رجلا فاقتداء المرأة بالرجل صحيح وان كان امرأة فاقتداء المرأة بالمرأة جائز أيضا لكن ينبغى للخنثى أن يتقدم ولا يقوم فى وسط‍ الصف لاحتمال ان يكون رجلا فتفسد صلاته بالمحاذاة وكذا تشترط‍ نية امامة النساء لصحة اقتدائهن به لاحتمال انه رجل، ولا يجوز اقتداء الخنثى المشكل بالخنثى المشكل لاحتمال أن يكون الامام امرأة والمقتدى رجلا فيكون اقتداء الرجل بالمرأة على بعض الوجوه فلا يجوز احتياطا، واما الاقتداء (٣) بالمحدث أو الجنب فان كان عالما بذلك لا يصح بالاجماع وان لم يعلم به ثم علم فكذلك عندنا، لما روى أن النبى صلي الله عليه وسلّم صلى بأصحابه ثم تذكر جنابة فأعاد وأمر أصحابه بالاعادة فأعادوا وقال ايما رجل صلى بقوم ثم تذكر جنابة أعاد وأعادوا وقد روى نحو هذا عن عمر وعلى رضى الله تعالى عنهما حتى ذكر أبو يوسف فى الأمالى ان عليا رضى الله تعالى عنه صلى بأصحابه يوما ثم علم أنه كان جنبا فأمر مؤذنه أن ينادى ألا أن أمير المؤمنين كان جنبا فأعيدوا صلاتكم ولأن معنى الاقتداء وهو البناء هاهنا لا يتحقق لانعدام تصور التحريمة مع قيام الحدث والجنابة واما ما روى من أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل صلى بقوم ثم تذكر جنابته اعاد ولم يعيدوا فانه محمول على


(١) بدائع الصنائع ص ١٥٦، ص ١٥٧ وما بعدها
(٢) من كتاب بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ١٤٠ طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍ الطبعة الاولى.
(٣) المرجع السابق ج ١ ص ١٤٠، ١٤١.