بدو الأمر قبل تعلق صلاة القوم بصلاة الامام على ما روى أن المسبوق كان اذا شرع فى صلاة الامام قضى ما فاته ثم يتابع الامام حتى تابع عبد الله بن مسعود أو معاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قضى ما فاته فصار شريعة بتقرير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويجوز اقتداء العارى باللابس لأن تحريمة الامام انعقدت لما يبنى عليه المقتدى لأن الامام يأتى بما يأتى به المقتدى وزيادة فيقبل البناء، وكذا يجوز اقتداء العارى بالعارى لاستوائهما فتتحقق المشاركة فى التحريمة ثم العراة يصلون قعودا بايماء وقال بشر يصلون قياما بركوع وسجود وجه قوله انهم عجزوا عن تحصيل شرط الصلاة وهو ستر العورة وقدروا على تحصيل أركانها فعليهم الاتيان بما قدروا عليه وسقط عنهم ما عجزوا عنه ولأنهم لو صلوا قعودا تركوا أركانا كثيرة وهى القيام والركوع والسجود وان صلوا قياما تركوا فرضا واحدا وهو ستر العورة فكان أولى والدليل عليه حديث عمران بن حصين رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له صلى قائما فان لم تستطع فقاعدا فان لم تستطع فعلى الجنب فهذا يستطيع ان يصلى قائما فعليه الصلاة قائما، ولنا ما روى عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه أنه قال أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبوا البحر فانكسرت بهم السفينة فخرجوا من البحر عراة فصلوا قعودا بايماء، وروى عن ابن عباس وابن عمر رضى الله تعالى عنهما أنهما فالا العارى يصلى قائما بالايماء والمعنى فيه أن للصلاة قاعدا ترجيحا من وجهين أحدهما انه لو صلى قاعدا فقد ترك فرض ستر العورة الغليظة وما ترك فرضا آخر أصلا لأنه أدى فرض الركوع والسجود ببعضهما وهو الايماء وأدى فرض القيام ببدله وهو القعود فكان فيه مراعاة الفرضين جميعا وفيما قلتم اسقاط احدهما أصلا وهو ستر العورة فكان ما قلناه أولى، والثانى ان ستر العورة أهم من أداء الأركان لوجهين، أحدهما: أن ستر العورة فرض فى الصلاة وغيرها. والثانى: أن سقوط هذه الاركان الى الايماء جائز فى النوافل من غير ضرورة كالمتنفل على الدابة وستر العورة لا تسقط فرضيته قط من غير ضرورة فكان أهم فكان مراعاته أولى فلهذا جعلنا الصلاة قاعدا بالايماء أولى غير أنه ان صلى قائما بركوع وسجود أجزأه لانه وان ترك فرضا آخر فقد كمل الأركان الثلاثة وهى القيام والركوع والسجود وبه حاجة الى تكميل هذه الأركان فصار تاركا لفرض ستر العورة الغليظة أصلا لفرض صحيح فجوزنا له ذلك لوجود أصل الحاجة وحصول الفرض وجعلنا القعود بالايماء أولى لكون ذلك الفرض أهم ولمراعاة الفرضين جميعا من وجه وقد خرج الجواب عما ذكروا من المعنى وتعلقهم بحديث عمران بن حصين رضى الله تعالى عنه غير مستقيم لأنه غير مستطيع حكما حيث افترض عليه ستر العورة الغليظة ثم لو كانوا جماعة ينبغى لهم ان يصلوا فرادى لأنهم لو صلوا بجماعة فان قام الامام وسطهم احترازا عن ملاحظة سوأة الغير فقد ترك سنة التقدم على الجماعة والجماعة أمر مسنون فاذا كان لا يتوصل اليه الا بارتكاب بدعة وترك سنة أخرى لا يندب الى تحصيلها بل يكره تحصيلها وان تقدمهم الامام وأمر القوم بغض ابصارهم كما ذهب اليه الحسن البصرى لا يسلمون عن الوقوع فى المنكر أيضا فانه قلما يمكنهم غض البصر على وجه لا يقع على عورة الامام مع ان غض البصر فى الصلاة