للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكروة أيضا نص عليه القدورى لما يذكر أنه مأمور ان ينظر فى كل حالة الى موضع مخصوص ليكون البصر ذا حظ‍ من أداء هذه العبادات كسائر الأعضاء والأطراف وفى غض البصر فوات ذلك فدل أنه لا يتوصل الى تحصيل الجماعة الا بارتكاب أمر مكروه فتسقط‍ الجماعة عنهم فلو صلوا مع هذه الجماعة فالأولى لامامهم ان يقوم وسطهم لئلا يقع بصرهم على عورته فان تقدم جاز أيضا وحالهم فى هذا الموضع كحال النساء فى الصلاة الا أن الأولى أن يصلين وحدهن وان صلين بجماعة قامت امامتهن وسطهن وان تقدمتهن جاز فكذلك حال العراة ويجوز اقتداء (١) صاحب العذر بالصحيح وبمن هو بمثل حاله وكذا اقتداء الأمى بالقارئ وبالأمى، ويجوز اقتداء المومئ بالراكع الساجد والمومئ لما مر.

ويستوى الجواب بين ما اذا كان المقتدى قاعدا يومئ بالامام القاعد المومئ وبين ما اذا كان قائما والامام قاعدا ولأن هذا القيام ليس بركن الا ترى ان الأولى تركه فكان وجوده وعدمه بمنزلة، ويجوز اقتداء الغاسل بالماسح على الخف لان المسح على الخف بدل عن الغسل وبدل الشئ يقوم مقامه عند العجز عنه أو تعذر تحصيله فقام المسح مقام الغسل فى حق تطهير الرجلين لتعذر غسلهما عند كل حدث خصوصا فى حق المسافر على ما مر فانعقدت تحريمة الامام للصلاة مع غسل الرجلين لانعقادها لما هو بدل عن الغسل فصح بناء تحريمة المقتدى على تلك التحريمة ولان طهارة القدم حصلت بالغسل السابق والخف مانع من سراية الحدث الى القدم فكان هذا اقتداء الغاسل بالغاسل فصح وكذا يجوز اقتداء الغاسل بالماسح على الجبائر لما مر انه بدل عن المسح قائم مقامه فيمكن تحقيق معنى الاقتداء فيه، ويجوز اقتداء المتوضئ بالمتيمم عند ابى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى وعند محمد لا يجوز، ويجوز اقتداء القائم الذى يركع ويسجد بالقاعد الذى يركع ويسجد استحسانا وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى والقياس ان لا يجوز وهو قول محمد وعلى هذا الاختلاف اقتداء القائم المومئ بالقاعد المومئ وجه القياس ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال: لا يؤمن أحد بعدى جالسا أى القائم لاجماعنا على أنه لو أم لجالس جاز ولأن المقتدى أعلى حالا من الامام فلا يجوز اقتداؤه به كاقتداء الراكع الساجد بالمومئ واقتداء القارئ بالأمى وذلك لما بينا من أن المقتدى يبنى تحريمته على تحريمة الامام وتحريمة الامام ما انعقدت للقيام بل انعقدت للقعود فلا يمكن بناء القيام عليها كما لا يمكن بناء القراءة على تحريمة الأمى وبناء الركوع والسجود على تحريمة المومئ وجه الاستحسان ما روى أن آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثوب واحد متوشحا به قاعدا وأصحابه خلفه قيام يقتدون به فانه لما ضعف فى مرضه قال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت عائشة لحفصه رضى الله تعالى عنهما قولى له أن أبا بكر رجل أسيف اذا وقف فى مكانك لا يملك نفسه فلو أمرت غيره فقالت حفصة ذلك فقال صلّى الله عليه وسلّم انتن صويحبات يوسف مروا أبا بكر يصلى بالناس فلما افتتح أبو بكر رضى الله تعالى عنه الصلاة وجد


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ١٤٠، ص ١٤١، ص ١٤٢ نفس الطبعة السابقة.