للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نفسه خفة فخرخ وهو يهادى بين على والعباس ورجلاه يخطان الارض حتى دخل المسجد فلما سمع أبو بكر رضى الله تعالى عنه حسه تأخر فتقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجلس يصلى وأبو بكر يصلى بصلاته والناس يصلون بصلاة أبى بكر يعنى ان ابا بكر رضى الله تعالى عنه كان يسمع تكبير رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيكبر والناس يكبرون بتكبير ابى بكر فقد ثبت الجواز على وجه لا يتوهم ورود النسخ عليه ولو توهم ورود النسخ يثبت الجواز ما لم يثبت النسخ فاذا لم يتوهم ورود النسخ أولى ولأن القعود غير القيام واذا أقيم شئ مقام غيره جعل بدلا عنه كالمسح على الخف مع غسل الرجلين وانما قلنا انهما متغايران بدليل الحكم والحقيقة وأما الحقيقة فلان القيام اسم لمعنيين متفقين فى محلين مختلفين وهما الانتصابان فى النصف الاعلى والنصف الأسفل فلو تبدل الانتصاب فى النصف الأعلى بما يضاده وهو الانحناء سمى ركوعا لوجود الانحناء لأنه فى اللغة عبارة عن الانحناء من غير اعتبار النصف الأسفل لأن ذلك وقع وفاقا فاما هو فى اللغة فاسم لشئ واحد فحسب وهو الانحناء ولو تبدل الانتصاب فى النصف الاسفل بما يضاده وهو انضمام الرجلين والصاق الالية بالارض لسمى قعودا فكان القعود اسما لمعنيين مختلفين فى محلين مختلفين وهما الانتصاب فى النصف الاعلى والانضمام والاستقرار على الارض فى النصف الاسفل فكان القعود مضادا للقيام فى احد معنييه وكذا الركوع والركوع مع القعود يضاد كل واحد منهما للآخر بمعنى واحد وهو صفة النصف الاعلى واسم المعنيين يفوت بالكلية بوجود مضاد أحد معنييه كالبلوغ واليتم فيفوت القيام بوجود القعود أو الركوع بالكلية ولهذا لو قال قائل ما قمت بل قعدت وما ادركت القيام بل ادركت الركوع لم يعد مناقضا فى كلامه.

وأما الحكم (١) فلان ما صار القيام لأجله طاعة يفوت عند الجلوس بالكلية لان القيام انما صار طاعة لانتصاب نصفه الاعلى بل لانتصاب رجليه لما يلحق رجليه من المشقة وهو بالكلية يفوت عند الجلوس فثبت حقيقة وحكما أن القيام يفوت عند الجلوس فصار الجلوس بدلا عنه والبدل عند العجز عن الأصل أو تعذر تحصيله يقوم مقام الأصل ولهذا جوزنا اقتداء الغاسل بالماسح لقيام المسح مقام الغسل فى حق تطهير الرجلين عند تعذر الغسل لكونه بدلا عنه فكان القعود من الامام بمنزلة القيام لو كان قادرا عليه فجعلت تحريمة الامام فى حق الامام منعقدة للقيام لانعقادها لما هو بدل القيام فصح بناء قيام المقتدى على تلك التحريمة بخلاف اقتداء القارئ بالأمى لأن هناك لم يوجد ما هو بدل القراءة بل سقطت أصلا فلم تنعقد تحريمة الامام للقراءة فلا يجوز بناء القراءة عليه أما ههنا لم يسقط‍ القيام أصلا بل اقيم بدله مقامه ألا ترى انه لو اضطجع وهو قادر على القعود لا يجوز ولو كان القيام يسقط‍ أصلا من غير بدل وذا ليس وقت وجوب القعود بنفسه كان ينبغى انه لو صلى مضطجعا يجوز وحيث لم يجز دل انه انما لا يجوز لسقوط‍ القيام الى


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ١٤٢، ص ٢٤٣، ص ١٤٤ الطبعة السابقة.