للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذا استدلوا به وهذا الاستدلال ضعيف اذ ليس فى الخبر انه فارقه وبنى بل فى رواية انه سلم ثم استأنفها فهو انما يدل على جواز الابطال لعذر وأجيب بأن البيهقى قال: ان هذه الرواية شاذة انفرد بها محمد بن عبادة عن سفيان ولم يذكرها أكثر اصحاب سفيان ثم بتقدير عدم الشذوذ أجيب بأن الخبر يدل على المدعى أيضا لانه اذا دل على جواز ابطال أهل العبادة فعلى ابطال صفتها أولى واختلف فى أى الصلاة كانت هذه القضية ففى رواية لأبى داود والنسائى انها كانت فى المغرب وفى رواية الصحيحين وغيرهما أن معاذا افتتح سورة البقرة وفى رواية للامام أحمد انها كانت فى العشاء فقرأ اقتربت الساعة. قال فى المجموع فيجمع بين الروايات بأن تحمل على انها قضيتان لشخصين ولعل ذلك كان فى ليلة واحدة فان معاذا لا يفعله بعد النهى ويبعد أنه نسيه وجمع بعضهم بين روايتى القراءة بأنه قرأ بهذه ركعة وبهذه فى أخرى، وفى قول قديم: لا يجوز ان يخرج من الجماعة لأنه التزم القدوة فى كل صلاته وفيه ابطال للعمل وقد قال الله تعالى «وَلا تُبْطِلُوا ١ أَعْمالَكُمْ» الا اذا كان الخروج لعذر فتبطل الصلاة بدون العذر وضبط‍ العذر بما يرخص فى ترك الجماعة أى ابتداء ومن العذر تطويل الامام والمأموم لا يصبر على التطويل لضعف أو شغل لرواية الصحيحين فى قصة معاذ أن الرجل قال يا رسول الله ان معاذا افتتح سورة البقرة ونحن اصحاب نواضح نعمل بأيدينا فتأخرت وصليت وقال الخطيب الشربينى:

لا يجوز قطع الجماعة فى الركعة الاولى من الجمعة لأن الجماعة فى الركعة الأولى فيها شرط‍ واما فى الثانية فليست بشرط‍ فيها فيجوز الخروج فيها خلافا لما فى الكفاية من عدم الجواز ولو تعطلت الجماعة بخروجه وقلنا بأنها فرض كفاية فينبغى كما قاله بعض المتأخرين عدم الخروج منها لأن فرض الكفاية اذا انحصر فى شخص تعبن عليه ولو رأى لأموم الامام متلبسا بما يبطل الصلاة ولو لم يعلم الامام به كأن رأى على ثوبه نجاسة غير معفو عنها أو رأى خفة تخرق وجب عليه مفارقته ولو أحرم منفردا ثم نوى القدوة فى أثناء صلاته قبل الركوع او بعده جاز فى الأظهر لقصة أبى بكر المشهورة لما جاء النبى صلّى الله عليه وسلّم والصحابة اخرجوا انفسهم عن الاقتداء به واقتدوا بالنبى صلّى الله عليه وسلم ولأنه يجوز ان يصلى بعض الصلاة منفردا ثم يقتدى به جماعة فيصير اماما فكذا يجوز ان يكون مأموما بعد ان كان منفردا وان كان فى ركعة اخرى اى غير ركعة الامام ولو متقدما عليه لكنه مكروه كما فى المجموع عن النص واتفاق الاصحاب والسنة ان يقلب الفريضة نفلا ويسلم من ركعتين اذا وسع الوقت كما مر والثانى لا يجوز وتبطل به الصلاة وما ذكره من جريان القولين مطلقا هو الراجح وقيل محلهما اذا اتفقا فى الركعة فأولى أو ثانية ان كان كل فى ركعة بطلت قطعا وقيل ان دخل قبل ركوعه صحت قطعا والقولان فيمن دخل بعده وقيل ان دخل بعد ركوعه بطلت قطعا والقولان فيما قبله، وقال الخطيب الشربينى (٢): انما قيد


(١) الاية رقم (٣٣) من سورة محمد
(٢) مغنى المحتاج ص ١ ص ٢٥٨ وما بعدها