للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهو اما أن يكون متعلقا بخطاب الطلب والاقتضاء لولا يكون فان كان متعلقا بخطاب الطلب والاقتضاء فالطلب اما ان يكون للفعل واما ان يكون للترك وكل واحد منهما اما جازم او غير جازم فالكم الذى يتعلق بالطلب الجازم للفعل هو الوجوب والذى يتعلق بغير الجازم منه هو الندب، والحكم الذى يتعلق بالطلب الجازم للترك هو الحرمة والذى يتعلق بغير الجازم منه هو الكراهة وان لم يكن الحكم متعلقا بخطاب الاقتضاء فاما أن يكون متعلقا بخطاب التخيير او غيره فان كان الاول فهو الاباحة وان كان الثانى فهو الحكم الوضعى كالصحة والبطلان ونصب الشئ سببا او مانعا او شرطا وكون الفعل عبادة وقضاء واداء وعزيمة ورخصة الى غير ذلك لكن الحنفية (١) يخالفون جمهور الاصوليين فى اعتبار أن طلب الفعل من المكلف ان كان على سبيل الجزم فهو للوجوب ويرادفه الفرض.

فالفرض والواجب عند جمهور الاصوليين بمعنى واحد لان الواجب عبارة عن خطاب الشارع بما ينتهض تركه سببا للذم شرعا فى حالة ما وهذا المعنى بعينه تحقق فى الغرض الشرعى أما الحنفية فانهم يعتبرون ان الطلب على سبيل الجزم ان كان دليله قطعيا فى الثبوت والدلالة مثل الكتاب والسنة المتواترة فهو الفرض كالصلوات الخمس، وان كان دليله ظنيا كخبر الواحد والقياس فهو الواجب كالوتر. وكذلك استعمل الاقتضاء عند الاصوليين بمعنى الدلالة حيث قسم الاصوليين الدلالات الى نوعين دلالات المنظوم اى ما تدل عليه الالفاظ‍ نفسها من حيث صيغتها ووصفها ودلالات غير المنظوم من الفاظ‍ الا من حيث صيغتها ووصفها بل من حيث فحواها (٢)، والاقتضاء بمعنى الدلالة أحد اقسام النوع الثانى وهو دلالة غير المنظوم فقد قسم الامدى والغزالى دلالة غير المنظوم الى دلالة اقتضاء ولادلة تنبيه وايماء ودلالة المفهوم ودلالة الاشارة، والمقصود بدلالة الاقتضاء هو المقتضى الذى يكون من ضرورة اللفظ‍ ولا يكون منطوقا به، جاء فى المستصفى (٣): ان ما يقتبس من الالفاظ‍ لا من حيث صيغتها بل من حيث فحواها واشارتها خمسة أضرب:

الضرب الاول: ما يسمى اقتضاء وهو الذى يكون من ضرورة اللفظ‍ اما من حيث لا يمكن لا يدل عليه اللفظ‍ ولا يكون منطوقا به ولكن وجود الملفظ‍ شرعا الاية أو من حيث يمتنع كون المتكلم صادقا الا به أو من حيث يمتنع ثبوته عقلا الا به اما المقتضى الذى هو ضرورة


(١) الاحكام للآمدى ج ١ ص ١٤٠ الطبعة السابقة وشرح الاسنوى على منهاج الوصول فى علم الاصول ج ١ ص ٣٠، ٣١ الطبعة السابقة، وشرح المنار ج ١ ص ٥٨٠.
(٢) الاحكام فى اصول الاحكام للامام سيف الدين الامدى ج ٢ ص ١٨٨ وج ٣ ص ٩٠ الطبعة السابقة ومن كتاب المستصفى من علم الاصول للامام ابى حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالى ومعه كتاب فواتح الرحموت للعلامة عبد العال محمد بن نظام الدين الانصارى شرح مسلم الثبوت فى اصول الفقه للشيخ محب الله بن عبد الشكور ج ٢ ص ١٨٧ الطبعة الاولى طبع المطبعة الاميرية بمصر سنة ١٣٢٢ هـ‍
(٣) المستصفى لابى حامد الغزالى فى كتاب مع فواتح الرحموت ج ٢ ص ١٨٧ وما بعدها الطبعة السابقة.