للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صدق المتكلم فكقول رسول الله صلّى الله عليه فمعناه لا صيام صحيحا أو كاملا فيكون حكم فانه نفى الصوم والصوم لا ينتفى بصورته فمعناه لا صيام صحيحا او كاملا فيكون حكم الصوم هو المنفى لانفسه والحكم غير منطوق به لكن لا بد منه لتحقيق صدق الكلام فعن وهذا يصح على مذهب من ينكر الأسماء وهذا يصح على مذهب من ينكر الاسماء الشرعية ويقول لفظ‍ الصوم باق على مقتضى اللغة فيفتقر فيه الى اضمار الحكم اما من جعله عبارة عن الصوم الشرعى فيكون انتفاؤه بطريق النطق لا بطريق الاقتضاء وعليه فالحديث ليس مما نحن فيه بل مثاله (لا عمل الا بنية) ورفع عن أمتى الخطأ والنسيان، وأما مثال ما ثبت اقتضاء لتصور المنطوق به شرعا فقول القائل (أعتق عبدى عنى فانه يتضمن الملك ويقتضيه ولم ينطق به لكن العتق المنطوق به شرط‍ نفوذه شرعا تقدم الملك فكان ذلك مقتضى اللفظ‍ وكذلك لو اشار الى عبد الغير وقال والله لاعتقن هذا العبد يلزمه تحصيل الملك فيه ان اراد البر وان لم يتعرض له لضرورة الملتزم، واما مثال ما ثبت اقتضاء لتصور المنطوق به عقلا فقوله عز وجل {(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ)} (١) فانه يقتضى اضمار الوط‍ ء. أى حرم عليكم زواج امهاتكم لان الامهات عبارة عن الاعيان والاحكام لا تتعلق بالاعيان ولا بعقل تعلقها الا بافعال المكلفين فاقتضى اللفظ‍ فعلا وصار ذلك هو الزواج من بين سائر الافعال وكذلك قوله سبحانه وتعالى {(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} (٢) و {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ} (٣) أى الأكل ويقرب منه (وأسأل القرية) أى اهل القرية لانه لا بد من الاهل حتى يعقل السؤال فلا بد من اضماره ويجوز أن يلقب هذا بالاضمار دون الاقتضاء والقول فى هذا قريب، والثابت باقتضاء النص كالثابت بالنص فقد قال فى المنار (٤): أما الثابت باقتضاء النص أى بمقتضاه فاعلم أن النص اذا كان بحيث لا يصح معناه الا بشرط‍ فلا شك فى أنه يقتضيه فهناك أمور أربعة المقتضى وهو النص والمقتضى وهو ذلك الشرط‍ والاقتضاء وهو نسبة بينهما وحكم المقتضى وهو المراد من الثابت هنا وهو ثابت بالنص بواسطة الشرط‍ الذى اقتضاه. وجاء فى كشف الاسرار (٥): أن المقتضى هو زيادة على النص ثبت شرطا لصحة المنصوص عليه لأن المنصوص عليه لما لم يستغن عنه وجب تقديره لتصحيح المنصوص عليه فقد اقتضاه النص فصار المقتضى بحكمه حكما للنص بمنزلة الشراء


(١) الاية رقم ٢٣ من سورة النساء.
(٢) الآية رقم ٣ من سورة المائدة.
(٣) الآية رقم ١ من سورة المائدة.
(٤) الآية رقم ٨٢ من سورة يوسف.
(٥) شرح المنار وحواشيه من علم الاصول للامام العلامة عز الدين عبد اللطيف بن عبد العزيز بن عبد الملك على متن المنار فى اصول الفقه للشيخ الامام ابى البركات عبد الله بن احمد المعروف بحافظ‍ الدين النسفى ج ١ ص ٥٣٣ وما بعدها مع حاشية عزمى زاده وحاشية ابن ملك على شرح المنار طبع المطبعة العثمانية دار سعادات سنة ١٣١٥ هـ‍.
ومن كشف الاسرار لعبد العزيز البخارى على اصول الامام فخر الاسلام ابى الحسن على ابن محمد بن حسين البزدوى ج ١ ص ٥٥٥، ٥٥٦ طبع فى مكتبة الصنايع بمصر سنة ١٣٠٧ هـ‍.