للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوجب الملك والملك اوجب العتق فى القريب فصار الملك بحكمه حكما للشراء فصار الثابت به بمنزلة الثابت بنفس النظم، والثابت بالمقتضى يساوى الثابت بالنص الا عند المعارضة فان الثابت بالنص أو اشارته او دلالته يكون اقوى من الثابت بالمقتضى لأنه ثابت بالنظم أو بالمعنى اللغوى فكان ثابتا من كل وجه، والمقتضى ليس من موجبات الكلام لغة وانما يثبت شرعا للحاجة الى اثبات الحكم فكان ضروريا ثابتا من وجه دون وجه اذ هو غير ثابت فيما وراء ضرورة تصحيح الكلام فيكون الأول اقوى.

هل يدخل العموم اقتضاء النص؟: - ذكر صاحب كشف الاسرار (١): انه اختلف فى عموم المقتضى فقال الحنفية لا عموم له أى لا يجوز اى يثبت له صفة العموم، وقال الشافعى رحمه الله تعالى له عموم أى يجوز ان يثبت فيه العموم لأن المقتضى بمنزلة النص حتى كان الحكم الثابت به بمنزلة الثابت بالنص لا بالقياس فيجوز فيه العموم كما يجوز فى النص والحنفية يقولون العموم من عوارض النظم وهو غير منظوم حقيقة فلا يجوز فيه العموم وذلك لأن ثبوت المقتضى للحاجة والضرورة حتى اذا كان المنصوص مفيدا للحكم بدونه لا يثبت المقتضى لغة ولا شرعا والثابت بالضرورة يتقدر بقدرها ولا حاجة الى اثبات صفة العموم للمقتضى فان الكلام مفيد بدونه فبقى فيما وراء موضع الضرورة وهو صحة الكلام على أصله وهو العدم فلا يثبت فيه العموم وهو نظير تناول الميتة لما ابيح للحاجة تقدر بقدرها وهو سد الرمق وفيما وراء ذلك من الحمل والتمول والتناول الى الشبع لا يثبت له حكم الاباحة بخلاف النص فانه عامل بنفسه فيكون بمنزلة حل الذكية يظهر فى حكم التناول وغيره مطلقا كذا ذكره شمس الائمة. وذكر الغزالى فى المستصفى انه لا عموم للمقتضى وانما العموم للالفاظ‍ لا للمعانى التى تضمنتها ضرورة الالفاظ‍ فقوله عليه السّلام «لا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل» ظاهره نفى صورة الصوم حسا لكن وجب رده الى الحكم وهو نفى الاجزاء والكمال وقد قيل انه متردد بينهما وهو مجمل وكذلك قوله عليه السّلام رفع عن امتى الخطأ والنسيان معناه حكم الخطأ ولا عموم له ولو قال لا حكم للخطأ لأمكن حمله على نفى الاثم والغرم وغيره على العموم وفى بعض كتب اصحاب الشافعى انه متى دل العقل او الشرع على اضمار شئ فى كلام صيانة له عن التكذيب ونحوها وثمة تقديرات يستقيم الكلام بأيها لا يجوز اضمار الكل، وهو المراد من قولنا المقتضى لا عموم له. اما اذا تعين احد تلك التقديرات باى دليل افاد العموم او الخصوص كان مقدره كذلك. وبناء على رأى الحنفية (٢) اذا قال انسان لغيره اعتق عبدك عنى بالف درهم فان هذا الكلام يتضمن البيع لضرورة صحة الاعتاق لأنه متوقف على الملك والملك متوقف على البيع فى هذه الصورة لتعينه سببا له بدلالة قوله على ألف ويثبت البيع متقدما على الاعتاق لأنه بمنزلة الشرط‍ لنوقف صحة الاعتاق عليه


(١) المرجع السابق من كشف الاسرار ج ١ ص ٥٥٧ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) كشف الاسرار ج ١ ص ٥٥٨ مكتب الصنايع بمصر سنة ١٣٠٧ هـ‍.