للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما كان شرطا كان تبعا اذ الشروط‍ اتباع فيثبت بشروط‍ العتق لا بشروط‍ نفسه لأن الشئ اذا ثبت تبعا يعتبر فيه شرائط‍ المتبوع اظهارا للتبعية ولذلك كان الشرط‍ فى مثل هذا أن يكون الأمر أهلا للاعتاق حتى لو لم يكن أهلا له بأن كان صبيا عاقلا قد أذن له وليه فى التصرفات لم يثبت البيع بهذا الكلام كما أنه لا يشترط‍ فى البيع الثابت اقتضاء فى مثل هذا القبول من الآمر كما أنه لا يثبت فى مثل هذا البيع خيار العيب والرؤية، ولو جعل المقتضى بمنزلة المذكور صريحا لثبت بأحكامه أى أعتبر فيه أهلية البيع لا غير وشرط‍ فيه القبوا وثبت فيه الخياران ألا ترى أنه لو صرح الممأمور بالبيع فى هذه الصورة بأن قال بعته منك بألف واعتقه لم يجز عن الآمر لأنه ما أمره ببيعه مقصودا وانما أمره ببيع ثابت ضرورة العتق فاذا أتى به مقصودا لم يأت بما أمر به فتوقف على القبول فاذا اعتقه قبل القبول وقع عن نفسه ولم يقع عن الآمر فتبين بما ذكرنا أن المقتضى ليس كالمنصوص فيما وراء موضع الحاجة خلافا لزفر فى هذا المثال، ثم قال صاحب كشف الاسرار (١):

ولا يلزم على ما ذكرنا ما اذا قال لامرأته تزوجى فانه لا يقتضى طلاقا الا بالنية لأنا انما أثبتنا المقتضى لتصحيح الملفوظ‍ ولا يحصل ذلك هاهنا لأنا اذا حكمنا بوقوع الطلاق لا يصح الأمر بالتزوج فانها تتزوج بمالكيتها أمر نفسها لا بأمر الزوج فانه لا ولاية له عليها واذا لم يصح الأمر به لا يمكن اثباته اقتضاء ولأن من شرط‍ تزوجها الفراغ عن الأول لا الطلاق فلم يصر مقتضيا له لانه لا يثبت الاقتضاء الا ضرورة، وقال ابو يوسف والشافعى رحمهما الله تعالى اذا قال اعتق عبدك عنى بغير شئ فاعتقه فانه يقع عن الآمر وتثبت الهبة اقتضاء كما يثبت البيع فى المثال السابق ولا يشترط‍ فيها القبض لأن الملك بطريق الهبة ثابت بطريق الاقتضاء وبالاعتاق فيثبت بشروط‍ الاعتاق ويسقط‍ اعتبار شرط‍ الهبة وهو القبض مقصودا كما يسقط‍ اعتبار القبول فى البيع بل أولى لأن القبول ركن فى البيع والقبض شرط‍ فى الهبة فلما سقط‍ اعتبار ما هو الركن لكونه ثابتا باقتضاء العتق فلأن يسقط‍ اعتبار ما هو شرط‍ أولى، وقال أبو حنيفة (٢) ومحمد رحمهما الله تعالى يقع العتق عن المأمور وهو القياس لانه لما طلب العتق بغير بدل ولا صحة للعتق الا بالملك صار طالبا للهبة والهبة لا توجب الملك الا بالقبض ولم يوجد أما حقيقة فظاهر، واما تقديرا: فلأن رقبة العبد، أى ما قيمته بحكم العتق تتلف على ملك المولى فى يده وذلك أى المتلف وهو المالية لا يصلح أن يكون مقبوضا للطالب ولا للعبد ولا هو محتمل للقبض لأنه هالك واذا لم يوجد ما هو شرط‍ ثبوت الملك للآمر، لم يثبت العتق عنه، لأنه لا عتق فى غير الملك، فوقع عن المأمور، ثم قال صاحب كشف الاسرار (٣) ومثال المقتضى الذى يجرى العموم فيه عند الشافعى ولا يجرى فيه عندنا


(١) كشف الاسرار ج ١ ص ٥٥٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ٥٦٠ الطبعة السابقة.
(٣) كشف الاسرار ج ١ ص ٥٦٤ على اصول الامام فخر الاسلام البزدوى الطبعة السابقة.