اقتضاء ليفيد، وذكر ايضا قوله عليه السّلام «رفع عن آمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» وعينها غير مرفوع فاقتضى ضرورة زيادة وهى الحكم ليصير مفيدا وصار المرفوع حكمها وثبت رفع الحكم عاما عند الشافعى فيشمل المؤاخذة فى الآخرة والصحة فى الدنيا. وعند الحنفية انما يرتفع حكم الآخرة لا غير لأن بهذا القدر يصير مفيدا فتزول الضرورة. وذكر ايضا قوله عليه السّلام «الاعمال بالنيات» والمراد حكم الاعمال فان عينها تثبت بلا نية.
وعند الشافعى يتعلق كل حكم بالنية على سبيل العموم. وعند الحنفية لا يتعلق الا حكم الآخرة من الثواب فانه مراد بالاجماع، ولما ثبت هذا مرارا وصار الكلام مفيدا لم يتعد الى ما وراءه كأنه قال: ثواب الأعمال بالنيات .. ثم أن البزدوى رحمه الله تعالى لما رأى ان العموم متحقق فى بعض افراد هذا النوع مثل قوله طلقى نفسك وان خرجت فعبدى حر سلك طريقة اخرى وفصل بين ما يقبل العموم ومالا يقبله وجعل ما يقبل العمول قسما آخر غير المقتضى وسماه محذوفا ووضع علامة يتميز بها المحذوف عن المقتضى فقال وعلامة الفصل والفرق بينهما ان الذى أقتضى غيره وهو الذى نسميه مقتضيا ثبت عند صحة الاقتضاء اى تقرر عند التصريح بالمقتضى واذا كان الشئ محذوفا فقدر مذكورا انقطع ما أضيف الى المذكور وتعلق به عنه وانتقل الى المقدر لعدم الاشتباه والالتباس يعنى: الحذف انما يجوز اذا كان فى الباقى دليل عليه ولم يكن ملتبسا وليس ها هنا التباس فجاز الحذف ثم استوضح انه من قبيل المحذوف لا من قبيل المفتضى وأدرج فيه الدليل على الفرق بينهما فقال: ألا ترى انه متى ذكر الأهل فى الآية اى صرح به انتقلت اضافة السؤال الى القرية عنها الى الاهل فكان من قبيل المحذوف دون المقتضى لأن المقتضى لتحقيق المقتضى وتقريره لا لنقل المقتضى عن المذكور الى المحذوف، وضعف صاحب كشف الاسرار (١): العلامة التى ساقها البزدوى للفرق بين المحذوف والمقتضى ثم قال: وحقيقة الفرق ان المحذوف امر لغوى والمقتضى امر شرعى.
ومن نظائر المحذوف قوله صلّى الله عليه وسلّم رفع عن امتى الخطأ والنسيان لما استحال العمل بظاهره واجراؤه عليه لأن ظاهرة يقتضى رفعها بالكلية عن جميع الأمة لكون الأمة عبارة عن جميع من آمن بالنبى عليه السّلام الى يوم القيامة وكون الألف واللام فى الخطأ والنسيان للماهية أو للاستغراق اذ لا عهد بالاجماع والعمل به غير ممكن لافضائه الى الكذب فى كلام صاحب الشرع ضرورة تحققها فى حق الأمة فلابد من تقدير شئ يمكن اضافة الرفع اليه تصحيحا للكلام وهو الحكم لأنه هو الذى يقتضيه هذا الكلام لأن تصرف صاحب الشرع فى الاحكام ولما ثبت ان الحكم هو المقدر كان من قبيل المحذوف لا من قبيل المقتضى لتغير ظاهر الكلام على تقدير التصريح به من انتقال الفعل وهو الرفع عن الظاهر وهو الخطأ، وكذلك قوله عليه السّلام الاعمال بالنيات فالمقدر فيه من قبيل المحذوف لا من قبيل المقتضى وذلك
(١) كشف الاسرار ج ١ ص ٥٦٥ على اصول فخر الاسلام البزدوى طبع مكتب الصنايع بمصر سنة ١٣٠٧ هـ.