للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكلب المأذون فى اقتنائه تصح هبته بخلاف غيره مما لا يجوز اقتناؤه، لأنه لا يملك فلا تصح هبته (١).

وان اقتنى شخص كلبا عقورا أى شأنه العقر أى الجرح بلا سبب، ويعلم ذلك بتكرره منه بقصد قتل شخص معين وقتله فعلا فانه يقتص ممن اتخذه لذلك، سواء تقدم له انذار عن اتخاذه هذا الكلب عند القاضى أو غيره كاشهاد الجيران أم لا.

وان قتل الكلب شخصا آخر غير المعين فلا قصاص وتجب الدية.

وكذلك تجب الدية ان اتخذ الكلب لقتل أى شخص فقتل شخصا، سواء تقدم له فيه انذار أم لا.

وأما اذا اتخذه ولم يقصد بذلك ضرر أحد فقتل انسانا فان كان اتخذه لوجه جائز كدفع سبع أو صائل فلا شئ عليه ان لم يتقدم له فيه انذار. فان تقدم له فيه انذار قبل القتل ضمن الدية.

وان اتخذه لوجه غير جائز ضمن ما أتلف سواء تقدم له فيه انذار أم لا، وذلك اذا كان عالما بأنه عقور - أما اذا كان جاهلا بذلك فلا يضمن، لأن فعله حينئذ كفعل العجماء اذا ترتب عليه تلف شئ يكون هدرا لا عوض له (٢).

وقال ابن سهل: لم يوجب ابن القاسم ضمان ما أصاب العقور الا بوجهين.

(أحدهما) أن يتقدم اليه فيه انذار.

(والثانى) اتخاذه بموضع لا يجوز له اتخاذه فيه، وقال ابن لبابة ان كان الكلب متخذا بموضع لا يجوز اتخاذه به فصاحبه ضامن لما نقص الرداء مثلا، ويقوم الرداء صحيحا ويقوم ممزقا فما كان بين القيمتين ضمنه، ويوفيه صاحب الكلب (٣).

ويجوز اقتناء الدواب التى لا يمكن حراستها كالحمام والنحل، ولا ضمان على أربابها فيما أتلفته ولا يمنعون من اقتنائها وعلى أرباب الزروع حفظها.

ومحل جواز اقتنائها اذا لم يلزم عليه أخذ ملك الغير بأن يتخذ برجا أو جبحا - خلية النحل بعيدا عن برج أو جبح الغير بحيث لا يلزم عليه دخول ما فى برج غيره فى برجه. فقد جاء فى المدونة: «ولا يصاد حمام الأبرجة، ومن صاد منه شيئا رده ان عرف صاحبه والا أرسله ولا يأكله، واذا دخل حمام برج مملوك لشخص برج شخص آخر ردها الى صاحبها ان قدر والا فلا شئ عليه. بخلاف ما يدخل برجه المصنوع فى الجبل أو يصيده من الجبل فانه يجوز».

أما الدواب التى يمكن حراستها فيضمن أصحابها ما أفسدت من الزروع والثمار بالليل ولا شئ عليهم فيما أفسدت بالنهار الا اذا كانت الدواب معروفة بالعداء فصاحبها يضمن جميع ما أتلفته ليلا أو نهارا بشرط‍ سبق انذاره لأنها صارت كالكلب العقور (٤).


(١) الشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج‍ ٤ ص ٨٨ الطبعة الاولى بالمطبعة الخيرية سنة ١٣٠٤.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٢١٦ يفس الطبعة.
(٣) حاشية العدوى على شرح ابى الحسن لرسالة ابى زيد الفيروزابادى ج‍ ٢ ص ٣١٤ الطبعة السابقة.
(٤) التاج والاكليل بهامشه الحطاب السابق ج‍ ٤ ص ٢٦٧.