للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السكوتى، ومنهم من أنكر أن يكون صدور القول من البعض وسكوت الآخرين، إجماعا، فهو يعارض حتى فى التسمية.

ويتلخص القول فى ذلك، على ما بينه الإسنوى فى شرحه على المنهاج كما يأتى:

١ - إذا قال بعض المجتهدين قولا، وعرف به الباقون فسكتوا عنه ولم ينكروا عليه، ففيه مذاهب: أصحها عند الإمام:

أنه لا يكون إجماعا ولا حجة، لما سيأتى.

ثم قال هو والآمدى أنه مذهب الشافعى، وقال فى البرهان أنه ظاهر مذهب الشافعى، وقال الغزالى فى المنخول، نص عليه الشافعى فى الجديد.

والثانى، وهو مذهب أبى على الجبائى:

أنه إجماع بعد انقراض عصرهم لأن استمرارهم على السكوت إلى الموت يضعف الاحتمال.

والثالث: قاله أبو هاشم بن أبى على:

أنه ليس بإجماع لكنه حجة.

وحكى فى المحصول عن ابن أبى هريرة:

أنه إن كان القائل حاكما لم يكن إجماعا ولا حجة.

وحكى الآمدى عن الإمام أحمد وأكثر الحنفية: أنه إجماع وحجة، واختار الآمدى أنه إجماع ظنى يحتج به، وهو قريب من مذهب أبى هاشم، والذى ذكره الآمدى هنا محله قبل انقراض العصر، وأما بعد انقراضه فإنه يكون إجماعا على ما نبه عليه فى مسألة انقراض العصر» (١).

وفى بيان رأى الحنفية ووجهة المخالفين لهم من الشافعية، والرد عليهم يقول ملاجيون فى شرحه على المنار: «إذا اتفق بعضهم على قول أو فعل وسكت الباقون منهم، ولا يردون عليهم بعد مدة التأمل، وهى ثلاثة أيام أو مجلس العلم، ويسمى هذا إجماعا سكوتيا، فهو مقبول عندنا، أى الحنفية، وفيه خلاف الشافعى رحمه الله لأن السكوت كما يكون للموافقة يكون للمهابة ولا يدل على الرضا، كما روى عن ابن عباس أنه خالف عمر رضى الله عنه فى مسألة العول.

فقيل له: هلا أظهرت حجتك على عمر رضى الله عنه.

فقال: كان رجلا مهيبا فهبته، ومنعتنى درته.

والجواب: أن هذا غير صحيح، لأن عمر رضى الله عنه كان أشد انقيادا لاستماع الحق من غيره حتى كان يقول: ولا خير فيكم ما لم تقولوا، ولا خير فى ما لم أسمع.

وكيف يظن فى حق الصحابة التقصير فى أمور الدين والسكوت عن الحق فى موضع الحاجة، وقد قال عليه السلام: «الساكت عن الحق شيطان أخرس» (٢).


(١) ص ٩٠٩ من شرح الإسنوى على المنهاج ج‍ ٣.
(٢) ص ١٠٥ من شرح المنار ج‍ ٢.