للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان مما ينفرد الخاصة بمعرفته كتحريم تزوج المرأة على عمتها وخالتها، وفساد الحج بالوط‍ ء قبل الوقوف بعرفة وتوريث الجدة السدس، وحجب بنى الأم بالجد، ومنع توريث القاتل، لا يكفر منكره ولكن يحكم بضلاله وخطئه، لأن هذا الإجماع وإن كان قطعيا أيضا، إلا أن المنكر متأول، حيث جعل المراد من الأمة والمؤمنين جميعهم والتأويل مانع من الإكفار، كتأويل أهل الأهواء النصوص القاطعة، وتبين بهذا التفصيل أن تعجب من قال بالقول الأول، يريد الشوكانى، من الفقهاء ليس فى محله، فإنهم ما حكموا بكفر منكر كل إجماع ولم يجعلوا الفرع أقوى من الأصل، ولم يغفلوا عنه (١).

وفى شرح النسفى وملاجيون على المنار:

أن الإجماع على مراتب: فالأقوى إجماع الصحابة نصا، فإنه مثل الآية والخبر المتواتر فيكفر جاحده كما يكفر جاحد ما ثبت بالكتاب أو التواتر لأنه لا خلاف فيه، ففيهم عترة الرسول وأهل المدينة، ثم الذى نص البعض وسكت الباقون من الصحابة، وهو المسمى بالإجماع السكوتى، ولا يكفر جاحده وإن كان من الأدلة القطعية، أى عند الحنفية، ثم إجماع من بعدهم، أى بعد الصحابة من أهل كل عصر على حكم لم يظهر فيه خلاف من سبقهم من الصحابة، فهو بمنزلة الخبر المشهور، يفيد الطمأنينة دون اليقين، ثم إجماعهم على قول سبقهم فيه مخالف، يعنى اختلفوا أولا على قولين، ثم أجمع من بعدهم على قول واحد، فهذا دون الكل، فهو بمنزلة خبر الواحد يوجب العمل دون العلم، ويكون مقدما على القياس كخبر الواحد» (٢).

وقال صاحب طلعة الشمس فى أصول الإباضية: «الإجماع القولى حجة قطعية يفسق من خالفها عند الجمهور، ولكن كونها قطعية بعد كمال شروطها وفى موضع لا يكون فيها خلاف فما وقع فيه الخلاف أنه إجماع أم غير إجماع فليس بحجة قطعية اتفاقا» (٣).

«أما الإجماع السكوتى فهو حجة ظنية توجب العمل ولا تفيد العلم مثل خبر العدل، فمن خالف الإجماع السكوتى لا يحكم بفسقه على الصحيح، كما لا يحكم بفسق من خالف خبر الآحاد، لأن التفسيق لا يكون إلا مع مخالفة الدليل القاطع» (٤).

ويقول ابن لقمان فى «الكافل بنيل السول فى علم الأصول على مذهب الزيدية».

والإجماع السكوتى الجامع للشروط‍ حجة ظنية، وكذا القولى أن نقل آحادا، فإن تواتر فحجة قاطعة يفسق مخالفه» (٥).

ومن العلماء المعترفين بحجية الإجماع من أنكر حجية ما يسمى بالاجماع


(١) ص ٩٨١، ٩٨٢ من حاشية عبد العزيز البخارى ج‍ ٣.
(٢) ص ١١١، ١١٢ من شرح المنار ج‍ ٢ بكل من النسفى وملاجيون.
(٣) ص ٦٦، ج‍ ٢ من طلعة الشمس.
(٤) ص ٧٢ ج‍ ٢ من طلعة الشمس.
(٥) ص ٨٣، ٨٤ من الكافل بنيل السول وشرحه، وقد تقدم ذكر طبعته.