للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى البزدوى وشرحه: «أن الأصل فى الإجماع أن يكون موجبا للحكم قطعا كالكتاب والسنة، فإن لم يثبت اليقين به فى بعض المواضع فذلك بسبب العوارض كالآية المؤولة وخبر الواحد (١)».

ومن أهل الهوى من لم يجعل الإجماع حجة قاطعة لأن كل واحد منهم اعتمد ما لا يوجب العلم، لكن هذا خلاف الكتاب والسنة والدليل المعقول (٢).

يريد الأدلة التى استدل بها القائلون بحجيته فهى دالة على أنه حجة قاطعة فى نظره.

«فصار الإجماع كآية من الكتاب أو حديث متواتر فى وجوب العمل والعلم به فيكفر جاحده فى الأصل (٣)».

«أى يحكم بكفر من أنكر أصل الإجماع بأن قال ليس الإجماع بحجة، أما من أنكر تحقق الإجماع فى حكم بأن قال لم يثبت فيه إجماع أو أنكر الإجماع الذى اختلف فيه فلا (٤)».

أى كالإجماع السكوتى الذى فيه خلاف الشافعى وغيره، والمنقول بلسان الآحاد.

واعلم أن العلماء بعد ما اتفقوا على أن إنكار حكم الإجماع الظنى، كالإجماع السكوتى، والمنقول بلسان الآحاد، غير موجب للكفر، اختلفوا فى إنكار حكم الإجماع القطعى كإجماع الصحابة مثلا.

«فبعض المتكلمين، أى الذين تكلموا فى هذا الموضوع، لم يجعله موجبا للكفر بناء على أن الإجماع عنده حجة ظنية، فإنكار حكمه لا يوجب الكفر كإنكار الحكم الثابت بخبر الواحد أو القياس، وذكر هذا القائل، وهو القاضى الشوكانى - فى تصنيف له - وهو كتاب إرشاد الفحول «والعجب أن الفقهاء أثبتوا الإجماع بعمومات الآيات والأخبار، وأجمعوا على أن المنكر لما تدل عليه هذه العمومات لا يكفر إذا كان الإنكار لتأويل، ثم يقولون:

الحكم الذى دل عليه الإجماع مقطوع به، ومخالفه كافر، فكأنهم قد جعلوا الفرع أقوى من الأصل، وذلك غفلة عظيمة (٥)».

ويستمر عبد العزيز البخارى فى كلامه فيقول: «وبعضهم جعلوه موجبا للكفر لأن الإجماع حجة قطعية كآية من الكتاب، قطعية الدلالة، أو خبر متواتر قطعى الدلالة، فإنكاره يوجب الكفر لا محالة».

«ومنهم من فصل فقال: إن كان الحكم المجمع عليه مما يشترك الخاصة والعامة فى معرفته، مثل أعداد الصلوات وركعاتها وفرض الحج والصيام وزمانهما، ومثل تحريم الزنا وشرب الخمر والسرقة، والربا، كفر منكره لأنه صار بإنكاره جاحدا لما هو من دين الرسول قطعا، فصار كالجاحد لصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، وان


(١) ص ٩٧١ ج‍ ٣ (أنظر الحاشية لعبد العزيز البخارى).
(٢) ص ٩٧٢ ج‍ ٣ «انظر كشف الأسرار».
(٣) ص ٩٨١ ج‍ ٣ «انظر كلام صاحب الكشف».
(٤) ص ٩٨١ ج‍ ٣، انظر الشرح لعبد العزيز البخارى.
(٥) ص ٧٣ من إرشاد الفحول هذا نصه وقد نقله عبد العزيز البخارى فى كلامه هنا.