للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوصف بالسفه، فيصير متهما فى أمر الدين فلا يعتبر قوله فى الإجماع.

وكذلك إن مجن بالهوى، أى لم يبال بما قال وما صنع وما قيل له، لأن ترك المبالاة مسقط‍ للعدالة أيضا.

وكذلك إن غلا فيه حتى وجب إكفاره به، فلا يعتبر خلافه ورفاقه لعدم دخوله فى مسمى الأمة المشهود لها بالعصمة وإن صلى إلى القبلة، واعتقد نفسه مسلما لأن الأمة ليست عبارة عن المصلين إلى القبلة، بل عن المؤمنين وهو كافر وإن كان لا يدرى أنه كافر (١)».

وبعض الشافعية كأبى اسحاق الشيرازى وامام الحرمين (٢)، والآمدى يرون أنه لا ينعقد الإجماع دون المجتهد الفاسق ببدعته أو بفعله، إلا إذا كفر ببدعته، كذلك لأنه من أهل الحل والعقد، وداخل فى مفهوم لفظ‍ الأمة المشهود لهم بالعصمة، وغايته أن يكون فاسقا وفسقه غير مخل فى نظرهم بأهلية الاجتهاد، والظاهر من حاله فيما يخبر به من اجتهاده الصدق، كإخبار غيره من المجتهدين، كيف وإنه قد يعلم صدق الفاسق بقرائن أحواله فى مباحثاته وأقواله، وإذا علم صدقه وهو مجتهد كان كغيره من المجتهدين» (٣).

وممن قال بذلك من الشافعية أيضا:

الغزالى، فإنه قال فى المستصفى:

«المبتدع إذا خالف لم ينعقد الإجماع دونه إذا لم يكفر بل هو كمجتهد فاسق وخلاف المجتهد الفاسق معتبر (٤).

وهناك رأى ثالث فى المجتهد المبتدع الذى لم يكفر ببدعته. وهو: أن الإجماع لا ينعقد فى حقه إذا خالف، وينعقد فى حق غيره، أى أنه يجوز له مخالفة إجماع من عداه، ولا يجوز ذلك لغيره، فلا يكون الاتفاق مع مخالفته حجة عليه، ويكون حجة على من سواه (٥).

ونسب هذا القول إلى بعض الشافعية (٦).

وممن قال بمذهب الحنفية ابن الحاجب وشارح مختصره (٧)، وهو الظاهر أيضا عند الحنابلة (٨).

وبذلك أيضا قال الإباضية (٩).

وأما الزيدية فعندهم رأيان:

أحدهما عدم اعتبار كافر التأويل وفاسقه معا، وذكروا أنه مروى عن جمهور أئمتهم، والرأى الآخر الاعتبار بهما فلا ينعقد من دونهما «إجماع» وهو مروى عن بعض أئمتهم أيضا (١٠).


(١) ص ٩٥٧، ٩٥٨ من حاشية عبد العزيز البخارى ج‍ ٣.
(٢) المرجع السابق من الموضع نفسه.
(٣) ص ٣٢٦ ج‍ ١ من الأحكام للآمدى.
(٤) ص ١٨٣ ج‍ ١ من المستصفى.
(٥) ص ٣٢٦ ج‍ ١ من الأحكام للأمدى.
ص ٣٣ ج‍ ٢ من شرح مختصر ابن الحاجب للعضد.
(٦) ص ٩٥٨ من حاشية عبد العزيز البخارى ج‍ ٣.
(٧) ص ٣٣ ج‍ ٢ من مختصر ابن الحاجب وشرحه.
(٨) ص ٣٥٣ ج‍ ١ من روضة الناظر.
(٩) ص ٧٥ من شرح طلعة الشمس ج‍ ٢.
(١٠) شرح هداية العقول للزيدية ص ٥٦٣ ج‍ ١.