للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سكوتا يمكنه الكلام فيه أو فصل بين المستثنى والمستثنى منه بكلام أجنبى لم يصح الاستثناء لانه اذا سكت وعدل عن الاقرار الى شئ آخر استقر حكم الاقرار فلا يجوز رفعه بالاستثناء بعد ذلك بخلاف ما اذا كان فى كلام الاستثناء أو كلام متصل ومتعلق به فانه لا يثبت حكم الاقرار حتى ينظر ما يتم به كلامه ويتعلق به حكم الاستثناء ولا خلاف فى هذا الشرط‍ بل هو مجمع عليه.

(٢) أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه ونوعه - جاء فى منتهى الارادات وشرحه وبشرط‍ أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه ونوعه لأن الاستثناء اخراج بعض ما يتناوله اللفظ‍ بوضعه وغير الجنس والنوع لا يتناوله اللفظ‍ بوضعه فمن قال: له على هؤلاء العبيد العشرة الا واحدا فاستثناؤه صحيح لوجود شرائطه. ويلزمه تسليم تسعة. ويرجع اليه تعيين المستثنى لانه اعلم بمراده. (١).

وفى المغنى (٢): أن الاستثناء صرف اللفظ‍ بحرف الاستثناء عما كان يقتضيه لولاه. وقيل هو اخراج بعض ما تناوله المستثنى منه مشتق من ثنيت فلانا عن رأيه اذا صرفته عن رأى كان عازما عليه. وثنيت عنان دابتى اذا صرفتها به عن وجهتها التى كانت تذهب اليها. وغير الجنس ليس بداخل فى الكلام. فاذا ذكره فى صرف الكلام عن صوبه ولاثناه عن وجه استرساله فلا يكون استثناء وانما سمى استثناء تجوزا. وانما هو فى الحقيقة استدراك. والا فيه بمعنى لكن. هكذا قال أهل العربية. واما قوله تعالى: «فسجد الملائكة كلهم اجمعون الا ابليس» - فان ابليس كان من الملائكة بدليل ان الله تعالى لم يأمر بالسجود غيرهم فلو لم يكن منهم لما كان مأمورا بالسجود ولا عاصيا بتركه ولا قال الله تعالى فى حقه ففسق عن امر ربه. ولا قال:

ما منعك الا تسجد اذا امرتك .. واذا لم يكن مأمورا بالسجود فلم أنكسه الله وأهبطه ودحره ولم يأمر الله بالسجود الا الملائكة - فان قالوا: بل قد تناول الامر الملائكة ومن كان معهم فدخل ابليس فى الامر لكونه معهم قلنا قد سقط‍ استدلالكم. فانه متى كان داخلا فى المستثنى منه مأمورا بالسجود فاستثناؤه يكون من استثناء الجنس. وهذا ظاهر لمن أنصف فعلى هذا يكون استثناء غير الجنس باطلا. فمتى قال: له على الف درهم الا ثوبا لزمه الالف وسقط‍ الاستثناء بمنزلة ما لو قال: له على الف درهم لكن لى عليه ثوب لكن العين والورق متقاربان ويعبر باحدهما عن الامرين ثم لو استغنى غبثا من ورق او ورقا من عين فتداخلت اصحابنا فى صحته.

فذهب ابو بكر عبد العزيز الى انه لا يصح لما ذكرنا من ان استثناء غير الجنس لا يصح ..

وقال ابن ابى موسى فيه روايتان واختار الخرقى صحته لان قدر احدهما معلوم من الاخر ويعبر بأحدهما عن الاخر فان قوما يسمون تسعة دراهم دينارا - وآخرون يسمون ثمانية دراهم دينارا. فاذا استثنى أحدهما من الاخر علم انه اراد التعبير باحدهما عن الاخر فاذا قال: له على دينار الا ثلاثة دراهم فى موضع يعبر فيه بالدينار عن تسعة دراهم كان معناه: له على تسعة دراهم الا ثلاثة .. ومهما امكن حمل الكلام على وجه


(١) منتهى الارادات ج‍ ٤ ص ٣٤١.
(٢) المغنى ج‍ ٥ ص ٢٧٧ وما بعدها.