صحيح لم يجز الغاؤه. وقد امكن بهذا الطريق فوجب تصحيحه .. وقال ابو الخطاب: لا فرق بين العين والورق وبين غيرها ويلزم من صحة استثناء احدهما من الآخر صحة استثناء الثياب وغيرها. وقد ذكرنا الفرق. ويمكن الجمع بين الروايتين بحمل رواية الصحة على ما اذا كان احدهما يعبر به عن الاخر او يعلم قدره منه .. ورواية البطلان على ما اذا انتفى ذلك.
ولو ذكر نوعا من جنس واستثنى نوعا آخر من ذلك الجنس مثل أن يقول: له على عشرة آصع تمرا برنيا الا ثلاثة تمرا معقليا لم يجز لما ذكرنا من اشتراط اتحاد الجنس والنوع. ويخالف العين والورق لان قيمة احد النوعين غير معلومة من الآخر ولا يعبر بأحدهما عن الاخر .. ويحتمل على قول الخرقى فى جوازه لتقارب المقاصد من النوعين فهما كالعين والورق. والأول أصح لأن العلة الصحيحة فى العين والورق غير ذلك. فأما استثناء الجنس اى استثناء بعض ما دخل فى المستثنى منه. فهو جائز بغير خلاف علمناه .. فان ذلك فى كلام العرب.
وقد جاء فى الكتاب والسنة: قال الله تعالى:
فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما وقال: فسجد الملائكة كلهم أجمعون الا ابليس وقال النبى صلّى الله عليه وسلّم فى الشهيد: يكفر عنه خطاياه كلها الا الدين وهذا فى الكتاب والسنة كثير وفى كلام العرب كذلك. فان أقر بشئ استثنى منه كان مقرا بالباقى بعد الاستثناء. فاذا قال:
له على مائة الا عشرة كان مقرا بتسعين لان الاستثناء يمنع أن يدخل فى اللفظ ما لولاه لدخل. فانه لو دخل لما امكن اخراجه ولو أقر بالعشرة المستثناه لما قبل منه انكارها ..
وقول الله تعالى:«فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما» اخبار بتسعمائة وخمسين فالاستثناء أظهر أن الخمسين المستثناه غير مرادة فى الكلام كما أن التخصيص يبين أن المخصوص غير مراد باللفظ العام .. وان قال الا ثلثها او ربعها صح وكان مقرا بالباقى بعد المستثنى .. وان قال: هذه الدار لزيد الا هذا البيت كان مقرا بما سوى البيت منها .. وكذلك ان قال: هذه الدار له وهذا البيت لى صح ايضا لانه فى معنى الاستثناء لكونه اخرج بعض ما دخل فى اللفظ الأول بكلام متصل .. وان قال: له هؤلاء العبيد الا هذا صح وكان مقرا بمن سواه منهم وان قال: الا واحدا صح لان الاقرار يصح مجهولا فكذلك الاستثناء منه .. ويرجع فى تعيين المستثنى اليه لان الحكم يتعلق بقوله وهو اعلم بمراده به. وان عين من عدا المستثنى صح وكان الباقى له. فان هلك العبيد الا واحدا فذكر انه المستثنى قبل. ذكره القاضى وهو احد الوجهين .. وقال ابو الخطاب: لا يقبل فى احد الوجهين لانه يرفع به الاقرار كله.
والصحيح انه يقبل لانه يقبل تفسيره به فى حياتهم لمعنى هو موجود بعد موتهم فقبل كحال حياتهم .. وليس هذا رفعا للاقرار. وانما تعذر تسليم المقر به لتلفه لا لمعنى يرجع الى التفسير فأشبه ما لو عينه فى حياتهم فتلف بعد تعيينه .. وان قتل الجميع الا واحدا قبل تفسيره بالباقى وجها واحدا. وان قتل الجميع فله قيمة احدهم ويرجع فى التفسير اليه ..
وان قال: غصبتك هؤلاء العبيد الا واحدا فهلكوا الا واحدا قبل تفسيره به وجها واحدا لان المقر له يستحق قيمة الهالكين فلا يقضى