وابن المنذر: يحد بأقرار مرة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قصة العسيف» واغد يا أنيس الى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها.
واعتراف مرة اعتراف. وقد أوجب عليها الرجم به. ورجم الجهينية وانما اعترفت مرة. وقال عمر: أن الرجم حق واجب على من زنى وقد أحصن اذا قامت البينة او كان الحبل أو الاعتراف .. ولانه حق فيثبت باعتراف مرة كسائر الحقوق … ولنا ما روى عن ابو هريرة رضى الله عنه قال: أتى رجل من الاسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى المسجد فقال: يا رسول الله: أنى زنيت فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال:
يا رسول الله: انى زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك اربع مرات. فلما شهد على نفسه اربع شهادات. دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أبك جنون) قال لا: قال فهل أحصنت قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ارجموه» متفق عليه. ولو وجب الحد بمرة لم يعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلم. لانه لا يجوز ترك حد وجب لله تعالى .. وروى نعيم بن هزال حديثه وفيه - حتى قالها اربع مرات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انك قد قلتها اربع مرات.
فبمن؟ قال: بفلانة .. رواه ابو داود.
وهذا التعليل منه يدل على أن اقرار الاربع هى الموجبة … وروى ابو برزة الاسلمى أن ابا بكر الصديق رضى الله عنه قال له عند النبى صلّى الله عليه وسلّم: ان اقررت اربعا رجمك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وهذا يدل من وجهين: أحدهما أن النبى صلى الله عليه وسلم أقره على هذا ولم ينكره فكان بمنزلة قوله لانه لا يقر على الخطأ.
والثانى. أن ابا بكر قد عرف هذا من حكم النبى صلّى الله عليه وسلّم ولولا ذلك ما تجاسر على قوله بين يديه … فان الاعتراف لفظ المصدر يقع على القليل والكثير وحديثنا يفسره ويبين أن الاعتراف الذى يثبت به كان اربعا.
ويستوى أن يكون الاقرار اربع مرات فى مجلس واحد أو فى مجالس متفرقة .. قال الأثرم: سمعت ابا عبد الله يسأل عن الزانى يردد اربع مرات قال: نعم على حديث ماعز وهو احوط. قلت له: فى مجلس واحد. أو فى مجالس شتى. قال: اما الاحاديث فليست تدل الا على مجلس واحد الا ذاك الشيخ بشير بن مهاجر عن عبد الله بن بريدة عن ابيه. وذاك عندى منكر الحديث .. وقال ابو حنيفة: لا يثبت الا بأربع اقرارات فى اربعة مجالس لان ماعزا اقر فى اربعة مجالس ..
ولنا أن الحديث الصحيح انما يدل على انه أقر أربعا فى مجلس واحد. وقد ذكرنا الحديث .. ولأنه احدى حجتى الزنا فاكتفى به فى مجلس واحد كالبينة ويعتبر فى صحة الاقرار أن يذكر حقيقة الفعل لتزول الشبهة لأن الزنا يعبر به عما ليس بموجب للحد ..
ويشترط فى المقر ان يكون بالغا صحيحا عاقلا .. أما البلوغ والعقل فلا خلاف فى اعتبارهما فى وجوب الحد وصحة الاقرار.
لان الصبى والمجنون قد رفع القلم عنهما ..
ولا حكم لكلاهما. وقد روى عن على رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلّم انه قال: رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستقيظ وعن الصبى حتى يبلغ وعن المجنون