حتى يعقل.» رواه ابو داود والترمذى وقال:
حديث حسن. وفى حديث ابن عباس فى قصة ماعز أن النبى صلّى الله عليه وسلّم سأل قومه - أمجنون هو - قالوا: ليس به بأس.
وقال له حين أقر - أبك جنون.
فأن كان يجن مرة ويفيق اخرى. فأقر فى حال افاقته أنه زنى وهو مفيق او قامت عليه بينة انه زنى فى افاقته فعليه الحد. لا نعلم فى ذلك خلافا .. أما ان اقر فى افاقته بالزنا ولم يضفه الى حال الافاقة أو شهدت عليه البينة بالزنا ولم تضفه الى حال الافاقة لم يجب عليه الحد لاحتمال انه وقع منه فى حال جنونه وان اقر بالزنا وهو سكران لم يعتبر اقراره لانه لا يدرى ما يقول ولا يدل قوله على صحة خبره. فأشبه قول النائم والمجنون.
وقد روى بريدة ان النبى صلّى الله عليه وسلّم استفكه ماعزا. وانما فعل ذلك ليعلم هل هو سكران او لا ولو كان السكران مقبول الاقرار لما احتيج الى تعرف براءته منه ..
واما الأخرس فان لم تفهم اشارته فلا يتصور منه اقرار. وان فهمت اشارته اختلف الفقهاء فى وجوب الحد عليه. فقال القاضى عليه الحد وهو قول الشافعى وابى ثور وابن المنذر لأن من صح اقراره بغير الزنا صح اقراره به كالناطق. وقال اصحاب ابى حنيفة لا يحد باقرار ولا ببينة للشبهة فى دلالة الاشارة منه وعجزه عن ابداء ما قد يكون لديه من شبهة تدرأ الحد فى حالة البينة .. ويحتمل كلام الخرقى أن لا يجب الحد بأقراره لانه غير صحيح وللشبهة فى دلالة الاشارة اما البينة فيجب عليه بها الحد ..
ولا يصح الاقرار من المكره. ولا تعلم من أهل العلم خلافا فى ان اقرار المكره لا يجب به حد.
ومن شرط اقامة الحد بالاقرار البناء عليه وعدم الرجوع عنه الى تمام الحد. فان رجع عن اقراره أو هرب كف عنه. وقال الحسن وسعيد بن جبير وابن ابى ليلى يقام عليه الحد ولا يترك لان ماعزا هرب فقتلوه ولم يتركوه.
ولو قبل رجوعه للزمتهم ديته. ولانه حق وجب باقراره فلا يقبل رجوعه كسائر الحقوق .. ولنا ان ماعزا هرب فذكر للنبى صلّى الله عليه وسلم فقال: «هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه» وفى هذا دليل على أنه يقبل رجوعه .. ولان رجوعه شبهة والحدود تدرأ بالشبهات ولان الاقرار احدى حجتى الحد فيسقط بالرجوع عنه كالبينة اذا رجعت قبل اقامة الحد .. وفارق سائر الحقوق فأنها لا تدرأ بالشبهات. وانما لم يجب ضمان ماعز على الذين قتلوه بعد لأنه ليس صريحا فى الرجوع.
ويستحب للامام أو الحاكم الذى يثبت عنده الحد بالاقرار - التعريض له بالرجوع اذا تم والوقوف عن اتمامه اذا لم يتم كما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم انه اعرض عن ماعز حين اقر عنده ثم جاء من الناحية الاخرى فأعرض عنه حتى تم اقراره اربعا. ثم قال له:
لعلك قبلت. لعلك لمست. وروى انه قال للذى اقر عنده بالسرقة «ما اخالك فعلت».
رواه سعيد عن سفيان عن بريد بن حصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن النبى صلّى الله عليه وسلّم ولا بأس بأن يعرض له