للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبض المبلغ المقر به فى السند حقيقة .. ولان الناس قد تغيرت احوالهم وكثرت مخادعاتهم وخياناتهم فينبغى ان نسهل للمقر الخروج عما أقر به كذبا بتحليف المقر له اليمين على نفى دعواه الكذب فى الاقرار. والحلف لا يضر المقر له ان كان صادقا فيه فيصار اليه كذا فى الحدود.

والقول بتحليف المقر له أو ورثته اليمين على نفى دعوى المقر أو ورثته للكذب فى الاقرار، مطلق. وجاء فى الدر المختار ما يفيد أن ذلك مقيد بما اذا كان المقر مضطرا الى الكذب فى الاقرار. فقد جاء فيه أقر رجل بمال فى صك واشهد عليه. ثم ادعى ان بعض هذا المال قرض وبعضه ربا عليه. فان اقام على ذلك بينة تقبل وان كان متناقضا لاننا نعلم انه مضطر الى هذا الاقرار .. ومثله فى الغنية وبه افتى فى الفتاوى الحامدية والفتاوى الخيرية.

ومثل ذلك ما لو اقر بالاستيفاء ثم ادعى الغلط‍ فى اقراره لم تقبل منه دعواه هذه عند الطرفين ابى حنيفة ومحمد وتقبل عند ابى يوسف ويحلف المقر له اليمين على نفيها على ما اختاره المتأخرون .. ومحل عدم اعتبار الغلط‍ على قول الامام ومحمد فى غير الاقرار بالطلاق .. أما لو أقر بطلاق امرأته بناء على فتوى مفت غير أهل للافتاء ثم تبين له عدم وقوع الطلاق كان له ان يرجع الى زوجته ولو بعد كتابة الصك والوثيقة باقراره بالطلاق ..

ولكن هذا فى الديانة وفيما بينه وبين الله تعالى .. أما فى الحكم والقضاء فلا يصدق فى انه بنى اقراره على فتوى المفتى بل يؤاخذ باقراره ومما يلحق بهذا ما نقله الحموى فى حاشيته على الاشباه من أنه لو قال شخص: هذه رضيعتى ثم اعترف بالخطأ يصدق فى دعواه الخطأ .. وله ان يتزوجها بعد ذلك .. وهذا مشروط‍ بما اذا لم يثبت على اقراره بأن قال:

هو حق أو صدق أو كما قلت أو اشهد عليه بذلك شهودا او ما فى معنى ذلك من الثبات اللفظى الدال على الثبات النفسى والعذر للمقر فى رجوعه عن اقراره ان أمر الرضاع مما يخفى عليه. فقد يطلع بعد اقراره على خطأ من نقل اليه الخبر.

وما ذكر من الخلاف فى قبول دعوى الكذب فى الاقرار من المقر فى حق تحليف المقر له اليمين على نفى الدعوى وعدم قبولها - انما هو فى غير الحدود الخالصة حقا لله تعالى كحد الزنا والشرب والسرقة بالنسبة للقطع. أما فى هذه الحدود فتقبل فيها دعوى الكذب فى الاقرار بالاتفاق ولا يؤخذ المقر باقراره مع هذا الادعاء لما يورثه من الشبهة التى تؤثر فى سقوط‍ الحد وتدرؤه عملا بحديث أدرؤا الحدود بالشبهات. كما فى الرجوع عن الاقرار بهذه الحدود فانه يقبل عند الجميع ما عدا ابن حزم الظاهرى.

واذا كذب الشارع المقر فى اقراره بطل الاقرار. كما إذا أقرت المطلقة بانقضاء عدتها بعد مدة تحتمله ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر بعد الإقرار يثبت نسبه شرعا من المطلق لتيقن مقام الحمل وقت الاقرار. ويكون حكم الشارع ثبوت النسب تكذيبا للمطلقة فى ادعائها انقضاء عدتها ..

وكذا اذا كذب الحاكم المقر فى اقراره يبطل