للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاقرار كما إذا اشترى شخص عينا من آخر ثم ادعى ثالث علي المشترى ملكية هذه العين وانكر المشترى وأقر بأنها ملك البائع الذى اشتراها منه. وأثبت مدعى الاستحقاق دعواه وحكم له بالعين فإنه يكون للمشترى حق الرجوع بالثمن علي البائع رغم إقراره بان العين ملك البائع لأن الحكم بملكية العين للمدعى تكذيب له فى اقراره وابطال لهذا الاقرار.

وفى مذهب المالكية (١): - فى الكلام على اقرار المريض: والصحيح يلزمه الاقرار بلا قيد سواء أقر لوارث بعبد أو قريب او لملاطف أو لمجهول حاله أو لقريب غير وارث. أو لاجنبى غير ملاطف .. ولقول ابن عبد البر فى الكافى وكل من أقر لوارث او لغير وارث فى صحته بشئ من المال او الدين او البراءة او قبض أثمان المبيعات - فاقراره عليه جائز لا تلحقه فيه تهمة ولا يظن فيه توليج - أى أدخال شئ بالكذب - والاجنبى والوارث فى ذلك سواء وكذا القريب والبعيد. والعدو والصديق فى الاقرار فى الصحة. ولا يحتاج من أقر على نفسه فى الصحة ببيع شئ وقبض ثمنه الى معاينة قبض الثمن. أهـ‍. ولو أقر بعد ذلك بالتوليج فلا عبرة به وهذا الكلام صريح فى ان الصحيح اذا أقر بوارث أو بتصرف لشخص أجنبى من شأنه أن ينقص ماله فان الاقرار يكون صحيحا لانه غير متهم فى اقراره .. ولو ادعى بعد الاقرار انه كان توليجا - أى كان كذبا بقصد الاضرار بالورثة فلا عبرة بهذا القول ولا يقبل منه. وهذه هى صورة دعوى الكذب فى الاقرار. وانها غير مقبولة عند المالكية وقد جاء فى الأشباه والنظائر (٢):

أن المقر يؤخذ بما أقر به ولا يقبل منه دعوى الكذب فى اقراره.

وفى مذهب الحنابلة (٣): ولا يقبل رجوع المقر عن إقراره لتعلق حق المقر له بالمقر به إلا فيما كان حقا لله تعالى فيقبل رجوعه لان الحدود الخالصة لله تعالى تدرأ بالشبهة. واما حقوق العباد وحقوق الله تعالى التى لا تدرأ بالشبهة كالزكاة والكفارات فلا يقبل رجوع المقر عن الاقرار بها. وجاء فى المغنى (٤):

انه لا يقبل رجوع المقر عن اقراره الا فيما كان حد الله تعالى يدرأ بالشبهات ويحتاط‍ لاسقاطه فاما حقوق الآدميين وحقوق الله تعالى التى لا تدرأ بالشبهات كالزكاة والكفارات فلا يقبل رجوعه فيها. ولا نعلم فى هذا خلافا ..

ولا شك أن ادعاء الكذب فى الاقرار هو فى حقيقته احتيال على الرجوع فى الاقرار.

فالحكم يشمله كما هو ظاهر.

وفى مذهب الظاهرية (٥) يقول ابن حزم الظاهرى: من أقر لآخر أو لله تعالى بحق فى مال أو دم أو بشئ وكان المقر عاقلا بالغا غير مكره وأقر اقرارا تاما ولم يصله بما يفسده فقد لزمه ولا رجوع له بعد ذلك - فإن رجع لم ينتفع برجوعه. وقد لزمه ما أقر به على


(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى علية ج‍ ٣ ص ٣٩٩.
(٢) الاشباه والنظائر للسيوطى ص ٢٥٠.
(٣) كشاف القناع ح‍ ٤ ص ٣١٤.
(٤) المغنى لابن قدامة ج‍ ٥ ص ٢٨٨.
(٥) المحلى ج‍ ٨ ص ٢٥٠.