للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اما على ما ذكره الحطاب - ان كذب المقر له المقر فى الاقرار تكذيبا حقيقيا وبقى على تكذيبه بطل الاقرار. وان اعاد المقر الاقرار وصدق المقر له صح الاقرار ونقل عن سحنون ما يشبه رأى الشرح الكبير. وان خالفه فى تحليف المقر فى حالة التكذيب الاحتمالى والانكار.

ويشترط‍ (١) أن يكون المقر له أهلا للاستحقاق وألا يكذب المقر. وإذا أكذب المقر له المقر ثم رجع لم يفده إلا أن يرجع المقر الى الاقرار وهو يوافق ما جاء فى الحطاب.

وفى مذهب الشافعية: - انه يشترط‍ (٢) لصحة الاقرار الا يكذب المقر له المقر فى اقراره. فان كذبه فيه بطل الاقرار. وترك المال المقر به فى يد المقر ان كان عينا. ولم يطالب بالدين ان كان المقر به دينا فى الاصح لان يده مشعرة بالملك ظاهرا. والاقرار الطارئ عارضه التكذيب فسقط‍ ومن ثم كان المعتمد ان يده تبقى عليه يد ملك لا مجرد استحفاظ‍ .. والثانى ينزعه الحاكم من يده ويحفظه الى ظهور مالكه .. واذا بقى المال فى يد المقر على الاصح. قال الزركشى فينبغى ان تجوز له جميع التصرفات فى هذا المال ما عدا الوط‍ ء ان كانت جارية لاعترافه بتحريم ذلك عليه. بل ينبغى ان تمتنع عليه جميع التصرفات حتى يرجع عن الاقرار .. ويرد بان التعارض المذكور أوجب له العمل بدوام الملك ظاهرا فقط‍. واما باطنا فالمدار فيه على صدقه وعدم صدقه ولو ظنا .. فان رجع المقر فى حال تكذيب المقر له اياه وقال: غلطت فى الاقرار او تعمدت الكذب قبل قوله فى الاصح لما مر ان يده على المقر به يد ملك .. والثانى لا يقبل بناء على ان الحاكم ينزعه منه ويحفظه الى ظهور مالكه .. اما لو رجع المقر له عن تكذيب المقر وصدقه فى الاقرار وطالب بالمقر به. فانه لا يقبل منه. ولا يصرف اليه المقر به الا باقرار جديد يصدقه فيه .. لأن نفيه عن نفسه بطريق المطالبة .. ونفى المقر عن نفسه كان بطريق الالتزام فكان أضعف فصح منه الرجوع دون المقر له .. وتكذيب وارث المقر له كتكذيبه حتى لو أقر المقر لميت أو لمن مات بعد الاقرار فكذب الوارث المقر فى الاقرار بطل الاقرار فى حقه اما فى حق غيره فيصح كما لو أقر بجناية على المرهون وكذبه المالك فى اقراره. فانه وان لم يصح الاقرار فى حق المالك للتكذيب صح فى حق المرتهن حتى يستوثق بأرشها .. ولو أقرت له امرأة بالنكاح وأنكر سقط‍ حقه. وقال المتولى: حتى لو رجع بعد الانكار وادعى نكاحها لم تسمع دعواه ما لم يدع نكاحا مجددا .. وانما احتيج الى ذلك لانه يعتبر فى صحة اقرار المرأة بالنكاح تصديق الزوج لها فاحتيط‍ له بخلاف غيره .. ولو اقر لآخر بقصاص او حد قذف وكذبه المقر له سقط‍. وكذا حد سرقة.

وبالنسبة لمال فيها يترك فى يده.

وهذا ظاهر فى ان تكذيب المقر له للمقر فى اقراره يبطل الاقرار. ويبقى المقر به فى يد المقر ان كان عينا ولا يطالب به ان كان دينا لأن يده مشعرة بالملك ظاهرا فتبقى يده عليه يد ملك لا مجرد استحفاظ‍ فى الاصح ويقابل الأصح أن ينزعه الحاكم من يده ويحفظه الى


(١) التبصرة لابن فرحون ج‍ ٢ ص ٥٦.
(٢) نهاية المحتاج ج‍ ٥ ص ٧٥ وما بعدها.
ومغنى المحتاج ج‍ ٢ ص ٢٢٤، ٢٢٥.