للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفاسدة ثم انقطع عنه ذلك الغرض فرجع الى التصديق .. وجه القياس ان الاقرار الثانى عين الاول فالتكذيب فى الاول تكذيب فى الثانى .. ولو قبل المقر له الاقرار ثم رده لا يرتد لان المقر به بالقبول صار ملكا خالصا ونفى الانسان ملكه عن نفسه عند عدم المنازع لا يصح. نعم لو تصادقا على عدم الحق صح .. ولو رد المقر له الاقرار ثم قبله بعد الرد لا يصح لان حكم الاقرار بطل ولكن هذا فى الاقرار الذى يرتد بالرد .. اما ما لا يرتد بالرد كالنسب والنكاح وما ذكرنا من المسائل فانه لو عاد المقر له وقبله وصدق المقر فيه يقبل منه وفى مذهب المالكية: يشترط‍ ان يصدق المقر له المقر فى الاقرار ولا يكذبه فيه لانه لا يدخل مال الغير فى ملك أحد جبرا عنه الا فى الميراث فان كذب المقر له المقر فى اقراره تحقيقا نحو ان يقول المقر: لك على الف درهم فيقول المقر له ردا على ذلك: ليس لى عليك شئ ..

او كذبه احتمالا نحو ان يقول ردا على المقر - لا علم لى بذلك: ففى هذه الحالة يبطل الاقرار فى الوضعين ولا يلزم المقر شئ ان استمر المقر له على موقفه. اما ان رجع عن التكذيب وصدق المقر فى اقراره فى حالة التكذيب تحقيقا. فأنكر المقر عقب تصديق المقر له. فهل يصح الاقرار او يبطل.؟ قولان الثانى منهما وهو القول بالبطلان هو الذى فى النوادر. وعليه اقتصر ابن الحاجب .. والاول وهو القول بالصحة هو الذى عزاه ابن رشد للمدونة .. واما ان رجع المقر له الى تصديق المقر فى حالة التكذيب احتمالا فأنكر المقر عقب تصديق المقر له صح الاقرار ولا عبرة بانكار المقر بعد ذلك. وأولى اذا لم يحصل من المقر انكار بعد تصديق المقر له على الاقرار يصح الاقرار (١) - وأطلق ولم يفصل بين ما اذا اعاد المقر اقراره أو لم يعده (٢) .. ونص فى النوادر ان من أقر أن لفلان عليه ألف درهم فقال المقر له: ما لى عليك شئ. فقد برئ بذلك المقر. فان اعاد اقراره بالالف فقال الآخر:

أجل. هى لى عليك أخذته بها .. قال سحنون: اذا قال المقر لك على ألف درهم فقال الآخر: ما لى عليك شئ .. ثم رجع فقال:

هى لى عليك .. فأنكر المقر .. فالمقر مصدق ولا شئ للطالب .. ولكن ان قال الطالب: ما أعلم لى عليك شيئا .. ثم قال: نعم هى لى عليك فأنكرها المقر يلزمه اليمين ولا ينفعه انكاره .. وان قال المقر:

هذه الجارية غصبتها من فلان فقال فلان هذا:

ليست لى. لم يلزم المقر شئ. فان أعاد الاقرار فما دعاها الطالب دفعت اليه. ولو قال: هذا العبد لك فقال الاخر هو ليس لى.

ثم قال هو لى قبل ان يعيد المقر الاقرار لم يكن له العبد ولم تقبل بينته عليه أن أقامها لانه برئ منه ..

ففيما ذكره الشرح الكبير وحاشية الدسوقى ان المقر له اذا كذب المقر فى الاقرار واستمر على التكذيب بطل الاقرار. وان رجع عن التكذيب وصدق المقر ثم انكر المقر ففى حالة التكذيب الحقيقى حصل خلاف هل يبطل الاقرار أو يصح؟ قولان. وفى حالة التكذيب الاحتمالى يصح الاقرار ولا عبرة بانكار المقر.


(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى علية ج‍ ٣ ص ٣٩٨.
(٢) مواهب الجليل للحطاب ج‍ ٥ ص ٢١٨.