المفلس القراض والوديعة والمصنوع اذا كان على أصل الدفع أو على الاقرار قبل التفليس بينة .. قال اللخمى بعد حكاية هذه الاقوال وقول ابن القاسم فى الصانع أحسن لأن ما بيده أمتعة الناس. وليس العرف الاشهاد عليه عند الدفع له. وكذا قول أصبغ فى القراض والوديعة. فاللخمى اختار قول ابن القاسم فى تعيين الصانع وقول أصبغ فى تعيين القراض والوديعة - وقد مشى هنا فى كل من المسألتين على قول ابن القاسم (١).
والمفلس اذا حكم الحاكم عليه بالحجر خلع ماله وأخذ المال من تحت يده للغرماء انفك الحجر عنه وزال ولو لم يقسم المال بالفعل بين الغرماء - فاذا تجدد وله مال آخر بعد انفكاك الحجر الأول سواء كان هذا المال المتجدد عن أصل سابق كربح مال تركة بيده لبعض الغرماء الذين فلسوه من قبل أو كان عن معاملة جديدة أو كان عن غير أصل كميراث وهبة ووصية ودية فيكون من حقه أن يتصرف فى هذا المال الجديد حتى يحجر عليه غرماؤه الذين حجروا عليه اولا بباقى ديونهم او غرماء غيرهم بشرط ان يطلب هذا الحجر الجديد الغرماء او بعضهم وان يكون الدين المطلوب الحجر من اجله حالا.
فلو كان مؤجلا لا يحجر به. وان يكون الدين زائدا على مال المفلس الذى بيده فلو كان مساويا او اقل لا يحجر. وان لم يزد الدين ولكن يفى من مال المدين مالا يفى بالمؤجل من الدين فانه يحجر عليه على المذهب ولو أتى بحميل كمن عليه مائتان مائة حالة والاخرى مؤجلة ومعه مائة وخمسون فالباقى بعد وفاء المائة الحالة لا يفى بالدين المؤجل فيحجر عليه وينفك الحجر عن المفلس بأخذ المال منه ولو لم يحكم بزوال الحجر. فالحجر على المفلس ليس كالحجر على السفيه لعدم احتياج فك حجر المفلس الى حكم بخلاف حجر السفيه فأن فكه يحتاج للحكم - وخالف ابن القصار وتلميذه عبد الوهاب فقالوا: انه لا ينفك حجر عن محجور عليه الا بحكم الحاكم ولو أن المفلس مكن غرماءه من ان يأخذوا ماله الذى بيده فباعوه واقتسموا الثمن بينهم بنسبة ديونهم او اقتسموا أعيان المال بالذات بأن كان الدين الذى عليه موافقا للمال الذى بيده جنسا ونوعا وصفة .. ثم ان هذا المفلس تعامل مع آخرين وركبته ديون جديدة وفلسه الغرماء الجدد فلا يدخل الغرماء السابقون مع هؤلاء الجدد فى تفليسهم اياه ولا يأخذون شيئا من المال الذى تحت يده الا أن يفضل من هذا المال شئ بعد سداد ديون الآخرين فيتحاص الأقدمون فى هذه الفضلة بنسبة ما بقى من ديونهم - كما هو الشأن فيما اذا كان الحاكم قد فلسه وخلع ماله وأخذه من يده للغرماء حيث لا يشارك الأولون الآخرين فى شئ من المال الا أن يكون فضله فيتحاصون فيها أما اذا كان قد تجدد لهذا المفلس مال جديد بارث وصله وأرش جناية مثلا غير المال الخاص بالغرماء الآخرين. فان الأولين يشتركون مع الآخرين فى هذا المال الجديد أما بقية أحكام الحجر وهى بيع مال المفلس الذى تحت يده فى ديونه.
وحبسه حتى يدفع أو يثبت أعساره. ورجوع الانسان بعين شيئه الذى تحت يده. فليس فى شئ منها أحكام او فروع أو مسائل تتعلق بالاقرار. ومن ثم لا داعى للاطالة بذكر أحكامها
(١) حاشية الدسوقى والشرح الكبير عليه ج ٣ ص ٢٦١ الى ٢٦٨.