ومسائلها (١). ثم قال: الحجر صفة حكمية توجب منع موصوفها من نفوذ تصرفه فيما زاد على قوته. أو تبرعه بزائد على تلف ماله.
فدخل بالتالف حجر المريض ودخل بالأول حجر الصبى والمجنون والسفيه والمفلس والرقيق فيمنعون من التصرف فى الزائد على القوت ولو كان التصرف غير تبرع كالبيع والشراء وأما المريض فلا يمنع من التصرف اذا كان غير متبرع أو كان متبرعا وكان بثلث ماله. وأما تبرعه بزائد عن الثلث فيمنع منه.
وأسباب الحجر كثيرة: منها الدين أى الفلس لأجل الدين ومنها السفه وهو التبذير وعدم حسن التصرف فى المال ومنها الجنون والصباء والمرض والرق والمجنون بصرع أو بوسواس سواء كان كل منهما مطبقا أو منقطعا محجور عليه من حين جنونه لأبيه أو وصيه ان كان له أب أو وصى وكان جنونه قبل البلوغ.
فان لم يكن له أب ولا وصى أو وجداهما ولكنه كان قد جن بعد البلوغ فالذى يحجر عليه الحاكم. ويمتد الحجر عليه الى وقت افاقته من الجنون. فاذا أفاق زال عنه حجر الجنون من غير احتياج الى فك. ثم بعد الافاقة وزوال حجر الجنون. ان كان صغيرا او سفيها حجر عليه حجر جديد لأجلهما. وان لم يكن صغيرا ولا سفيها. فلا يحجر عليه بعد الافاقة ولا ولاية للام من حيث الحجر والولاية وانما لها الحضانة .. والصبى الذكر محجور عليه بالنسبة لنفسه الى البلوغ وهو حجر الحضانة من تدبير نفسه وصيانة مهجته من الهلاك أو الفساد. فمتى بلغ عاقلا زال عنه هذا الحجر وزالت عنه ولاية الأب والوصى والحاكم من حيث تدبير نفسه وصيانة مهجته اذ يؤمن عليه حينئذ من وقوع فى مهواة أو عطب فلا يمنع من الذهاب حيث شاء الا أن يخشى عليه النساء لجماله مثلا فيكون لابيه أو وصيه أو المسلمين منعه. أما بالنسبة للمال فيستمر الحجر على الصبى الذكر الى بلوغه مع صيرورته حافظا لماله بعد البلوغ. فاذا صار حافظا لماله بعد البلوغ زال الحجر عنه وان لم يفك أبوه عنه. ويستثنى من ذلك ما اذا كان الأب قد حجر عليه فى وقت يجوز له ذلك وهو عند البلوغ فانه لا ينفك الحجر عنه بالبلوغ وصيرورته حافظا للمال بل لا بد من ان يفك ابوه الحجر عنه - وهذا بالنسبة للصبى ذى الأب أى الذى له أب موجود اما اذا كان له وصى أو مقدم فانه لا بد لزوال الحجر عنه من ان يفكه عنه الوصى او المقدم ولا يكفى بلوغه مع صيرورته حافظا للمال وذلك لان الأب لما ادخل ولده فى ولاية الوصى أو المقدم صار بمنزلة ما لو حجر عليه بنفسه فلا ينتقل الحجر ولا يزول الا بالاطلاق .. ألا ترى أن الولد لو حجر عليه أبوه للسفه قبل البلوغ أو بعده بالقرب منه بأن قال: أشهدوا أنى حجرت على ابنى فان هذا الولد لا يزال باقيا فى حجره ولو صار يحسن التصرف فى المال ولا ينفك الحجر عنه الا اذا قال أبوه: فككت الحجر عنه أو بحكم حاكم باطلاقه .. هذا كله بالنسبة للذكر أما الأنثى فيستمر الحجر عليها بالنسبة لنفسها الى سقوط حضانتها بزواجها والبناء بها. وأما بالنسبة للمال فيستمر الحجر عليها ولا ينفك عنها الا اذا بلغت وحسن
(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه باب التفليس صفحة ٢٦١ وما بعدها، ومن باب الحجر صفحة ٢٩٢ وما بعدها.