للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن المسلمين وألجأه الى الشئ اضطره اليه وألجأه عصمه والتلجئة الاكراه قال أبو الهيثم التلجئة أن يلجئك أن تأتى أمرا باطنه خلاف ظاهره، ويعتبر الأصوليون من غير الحنفية أن الالجاء قسم من أقسام الاكراه وذلك أن الاكراه قد يكون ملجئا وقد لا يكون ويرتبون على كل منهما أحكاما فقد جاء فى منهاج (١) الوصول: الاكراه الملجئ يمنع التكليف لزوال القدرة قال الأسنوى: الاكراه قد ينتهى الى حد الالجاء وهو الذى لا يبقى للشخص معه قدرة ولا اختيار كالالقاء من شاهق وقد لا ينتهى اليه كما لو قيل له ان لم تقتل هذا والا قتلتك وعلم انه ان لم يفعل قتله فالأول يمنع التكليف أن بفعل المكره عليه وبنقيضه قال فى المحصول لأن المكره عليه واجب الوقوع عقلا وضده ممتنع والتكليف بالواجب والممتنع محال وهذا هو معنى قول البيضاوى لزوال القدرة لأن القادر على الشئ هو الذى ان شاء فعل وان شاء ترك وهذا القسم لا خلاف فيه كما قال ابن التلمسانى وأما الثانى وهو غير الملجئ فمفهوم كلام المصنف أنه لا يمنع التكليف قال ابن التلمسانى وهو مذهب أصحابنا (الأشاعرة) لأن الفعل ممكن والفاعل متمكن قال وذهبت المعتزلة الى أنه يمنع التكليف فى عين المكره عليه دون نقيضه فانهم يشترطون فى المأمور به أن يكون بحال يثاب على فعله واذا أكره على عين المأمور به فالاتيان به لداعى الاكراه لا لداعى الشرع فلا يثاب عليه فلا يصح التكليف به بخلاف ما اذا أتى بنقيض المكره عليه فانه أبلغ فى اجابة داعى الشرع وقال الغزالى الآتى بالفعل مع الاكراه كمن أكره على أداء الزكاة مثلا ان أتى به لداعى الشرع فهو صحيح أو لداعى الاكراه فلا ورد القاضى على المعتزلة بالاجماع على تحريم القتل عند الاكراه عليه. قال امام الحرمين وهذه هفوة من القاضى لما تقدم وفيما قاله نظر لأن القاضى انما أورده عليهم من جهة أخرى وذلك أنهم منعوا أن المكره قادر على عين الفعل المكره عليه فبين القاضى أنه قادر وذلك لأنهم كلفوه بالضد فاذا كان قادرا على ترك القتل كان قادرا على القتل هذا كله كلام ابن التلمسانى وقد اختار الامام والآمدى واتباعهما التفصيل بين الملجئ وغيره والفقهاء من الحنفية يعتبرون الالجاء ضربا من ضروب الاكراه. فقد جاء (٢) فى الفتاوى الهندية الاكراه فى أصله على نوعين:

اما أن يكون ملجئا أو غير ملجئ. فالاكراه الملجئ. هو الاكراه بوعيد.

بتلف النفس أو بوعيد تلف عضو من الأعضاء والاكراه الذى هو غير ملجئ هو الاكراه بالحبس والتقييد ومثل ذلك


(١) انظر شرح البدخشى. منهاج العقول للامام محمد بن الحسن البدخشى ومعه شرح الأسنى نهاة الوسول للامام جمال الدين عبد الرحيم الاسنوى المتوفى سنة ٧٧٢ هـ‍ كلاهما شرح منهاج الوصول فى علم الأصول تأليف القاضى البيضاوى المتوفى سنة ٦٨٥ هـ‍ ج‍ ١ ص ١٣٨ وما بعدها طبع مطبعة محمد على صبيح وأولاده بالأزهر سنة ١٣٧٣ هـ‍ سنة ١٩٥٣ م.
(٢) أنظر كتاب الفتاوى الهندية المسماه بالفتاوى العالمكرية وبهامشه فتاوى قاضيخان وهو الامام فخر الدين حسن ابن منصور الأوزجندى الفرغانى الحنفى المتوفى سنة ٣٩٥ هـ‍ ج‍ ٥ ص ٣٢ وما بعدها طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية الطبعة الثانية سنة ١٣١٠ هـ‍.