للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فى الدر المختار وحاشيته (١) فقد قسم الاكراه الى نوعين ملجئ وغير ملجئ واعتبر أن كلا منهما معدم للرضا ثم ذكر بعد ذلك الشروط‍ انظر مصطلح اكراه وفى البحر الزخار (٢) قال الاكراه ضربان: الجاء وهو من بلغ به داعى الحاجة الى الفعل حدا لا يقابله صارف والثانى اكراه لا الجاء وهو ما أزال الاختيار كالتوعد بالضرب المبرح.

وجاء فى (٣) المهذب أنه ان احتاج المحرم إلى اللبس لحر شديد أو برد شديد أو احتاج إلى الطيب لمرض أو إلى حلق الرأس للأذى أو إلى شد رأسه بعصابة لجراحة عليه أو إلى ذبح الصيد للمجاعة لم يحرم عليه وتجب عليه الكفارة لقول الله تبارك وتعالى «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ ٤ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» ولحديث كعب ابن عجرة فثبت الحلق بالنص وقسنا ما سواه عليه لأنه فى معناه وان نبت فى عينيه شعرة فقلعها أو نزل شعر الرأس إلي عينه فغطاها فقطع ما غطى العين أو انكسر شيئا من ظفره فقطع ما انكسر منه أوصال عليه صيد فقتله دفعا عن نفسه جاز. ولا كفارة عليه لأن الذى تعلق به المنع ألجأه الى اتلافه ويخالف اذ آذاه القمل فى رأسه فحلق الشعر لأن الأذى لم يكن من جهة الشعر الذى تعلق به المنع وانما كان من غيره وان افترش الجراد فى طريقه فقتله ففيه قولان.

أحدهما يجب عليه الجزاء لأنه قتله لمنفعة نفسه فأشبهه اذا قتله للمجاعة والثانى لا يجب لأن الجراد ألجأه الى قتله فأشبه اذا صال عليه الصيد فقتله للدفع وان باض صيد على فراشه فنقله فلم يحضنه الصيد فقد حكى الشافعى رحمه الله تعالى عن عطاء (أنه لا يلزمه ضمانه لأنه مضطر الى ذلك) قال ويحتمل عندى أن يضمن لأنه أتلفه باختياره فحصل فيه قولان كالجراد وان كشط‍ من بدنه جلدا وعليه شعر أو قطع كفه وفيه أظفار لم تلزمه فدية لأنه تابع لمحله فسقط‍ حكمه تبعا لمحله كالأطراف مع النفس فى قتل الآدمى. وقد علق صاحب النظم المستعذب العلامة محمد بن أحمد بن بطال الركبى على قوله الى اتلافه أى اضطر ولم يجد مانعا يمنعه عنه وألجأته الى الشئ اضطررته والتلجئة الاكراه والتلجئة فى البيع ازالة الملك لخوف الضرر.

وقد ذكر الفقهاء من الحنفية نوعا من أنواع البيوع أطلقوا عليه بيع التلجئة فقد جاء فى بدائع الصنائع (٥) بيع


(١) أنظر كتاب الدر المختار شرح تنوير الأبصار على رد المحتار للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين ج‍ ٥ ص ٨٣ وما بعدها الطبعة الثالثة طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر سنة ١٣٢٥ هـ‍.
(٢) أنظر كتاب البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار فى فقه الأئمة الأطهار للامام أحمد ابن يحيى المرتضى ج‍ ٣ ص ١٦٦ وما بعدها طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٦١ هـ‍ - ١٩٤٨ م الطبعة الأولى.
(٣) المهذب لفقه الامام الشافعى للامام الموفق أبى اسحاق ابراهيم بن على بن يوسف الفيروزابادى الشيرازى ج‍ ١ ص ٢١٢، ٢١٣ وبأسفله النظم المستعذب فى شرح غريب المهذب ج‍ ١ ص ٢١٢ وما بعدها طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة
(٤) الآية رقم ١٩٦ من سورة البقرة.
(٥) أنظر كتاب بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر بن مسعد الكاسانى ج‍ ٥ ص ١٧٦ وما بعدها الطبعة الأولى طبع مطبعة المطبوعات العلمية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍.