للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصير المرأة فراشا له لقول النبى صلّى الله عليه وسلم (الولد للفراش وللعاهر الحجر) وقوله عليه الصلاة والسّلام الولد للفراش أى لصاحب الفراش الا أنه أضمر المضاف فيه اختصارا كما فى قول الله عز وجل «وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ١» ونحوه والمراد من الفراش هو المرأة فانها تسمى فراش الرجل وازاره ولحافه ودلالة الحديث من وجوه ثلاثة:

احدها أن النبى صلّى الله عليه وسلّم أخرج الكلام مخرج القسمة فجعل الولد لصاحب الفراش والحجر للزانى فاقتضى أن لا يكون الولد لمن لا فراش له كما لا يكون الحجر لمن لا زنا منه اذ القسمة تنفى الشركة.

والثانى: انه عليه الصلاة والسّلام جعل الولد لصاحب الفراش ونفاه عن الزانى بقوله عليه الصلاة والسّلام وللعاهر الحجر لأن مثل هذا الكلام يستعمل فى النفى.

والثالث: انه جعل كل جنس الولد لصاحب الفراش فلو ثبت نسب ولد لمن ليس بصاحب الفراش لم يكن كل جنس الولد لصاحب الفراش وهذا خلاف النص فعلى هذا اذا زنى رجل بامرأة فجاءت بولد فادعاه الزانى لم يثبت نسبه منه لانعدام الفراش وأما المرأة فيثبت نسبه منها لأن الحكم فى جانيها يتبع الولادة وقد وجدت وكذلك لو ادعى رجل عبدا صبيا فى يد رجل انه أبنه من الزنا لم يثبت منه سواء كذبه المولى فيه أو صدقه، ولو هلك الوالد بوجه من الوجوه عتق عليه لأنه أقر أنه مخلوق من مائه وان ملك أمه لم تصر أو ولد له لأن أمومية الولد تتبع ثبات النسب ولم يثبت وكذلك لو كان هذا العبد لأب المدعى أو عمه ولو كان لأبن المدعى فقال هو ابنى من الزنا يثبت نسبه منه وهو مخطئ فى قوله من الزنا لأنه يصير متملكا الجارية عندنا قبيل الاستيلاد أو مقارنا له ولا يتحقق الوط‍ ء زنا مع ثبوت الملك ولو كان المدعى غير الأب فقال هو ابنى منها ولم يقل من الزنا فان صدقه المولى ثبت نسبه منه ويكون عبدا لمولى الأم وان كذبه لا يثبت النسب للحال واذا ملكه المدعى يثبت النسب ويعتق عليه لأن الاقرار بالبنوة مطلقا عن الجهة محمول على جهة مصححة لانسب وهى الفراش الا أنه لم يظهر نفاذه للحال لقيام ملك المولى فاذا ملكه زال المانع وكذلك لو قال هو ابنى من نكاح فاسد أو شراء فاسد وادعى شبهة بوجه من الوجوه أو قال احلها لى الله سبحانه وتعالى فان صدقه المولى يثبت النسب وان كذبه لم يثبت النسب ما دام عبدا فاذا ملكه يثبت النسب ويعتق عليه لأن العقد الفاسد ملحق بالصحيح فى ثبات النسب وكذلك الشبهة فيه ملحقة بالحقيقة فكان هذا اقرار بالنسب بجهة مصححة للنسب شرعا الا أنه امتنع ظهوره للحال لحق المولى فاذا زال ظهر وعتق لأنه ملك ابنه وان ملك أمها كانت أم لولد له لأنه وجد سبب أمومية الولد وهو ثبوت النسب بناء على وجود سبب الثبوت وهو الاقرار بالنسب بجهة مصححة له شرعا الا أنها توقفت على شرطها وهو الملك وقد وجد وعلى هذا الحال اذا تصادق الزوجان على أن الولد من الزنا من فلان لا يثبت النسب منه ويثبت من الزوج لأن الفراش له وعلى هذا اذا ادعى


(١) الآية رقم ٨٢ من سورة يوسف.