رجل صبيا فى يد امرأة فقال هو ابنى من الزنا وقالت المرأة هو من النكاح لا يثبت نسبه من الرجل ولا من المرأة لأن الرجل اقر انه ابنه من الزنا والزنا لا يوجب النسب والمرأة تدعى النكاح والنكاح لا بد له من حجة وكذلك لو كان الأمر على العكس بأن ادعى الرجل أنه ابنه من النكاح وادعت المرأة أنه من الزنا لما قلنا ولو قال الرجل بعد ذلك فى الفصل الأول هو من النكاح أو قالت المرأة بعد ذلك فى الفصل الثانى هو من النكاح يثبت النسب وان كان ذلك منهما تناقضا لأن التناقض ساقط الاعتبار شرعا فى باب النسب.
وأما نسب الولد من المرأة فانه يثبت بالولادة سواء كان بالنكاح أو بالسفاح لأن اعتبار الفراش انما عرفناه بالحديث وفى قوله عليه الصلاة والسّلام الولد للفراش أى لمالك الفراش ولا فراش للمرأة لأنها مملوكة وليست بمالكة فبقى الحكم فى جانبها متعلقا بالولادة، والمرأة تصير فراشا بأحد أمرين احدهما عقد النكاح والثانى ملك اليمين الا أن عقد النكاح يوجب الفراش بنفسه لكونه عقدا موضوعا لحصول الولد شرعا قال النبى صلّى الله عليه وسلّم (تناكحوا توالدوا تكثروا فانى أباهى بكم الأمم يوم القيامة) فكان النكاح سببا مفضيا الى حصول الولد فكان سببا لثبات النسب بنفسه ويستوى فيه النكاح الصحيح والفاسد اذا اتصل به الوط ء لأن النكاح الفاسد ينعقد فى حق الحكم عند بعض مشايخنا لوجود ركن العقد من أهله فى محله والفاسد ما فاته شرط من شرائط الصحة وهذا لا يمنع انعقاده فى حق الحكم الا أنه يمنع من الوط ء لغيره وهذا لا يمنع ثبات النسب كالوط ء فى حالة الحيض والنفاس وسواء كانت المنكوحة حرة أو أمة لأن المقصود من فراش الزوجية لا يختلف واما ملك اليمين ففى أم الولد يوجب الفراش بنفسه أيضا لأنه ملك يقصد به حصول الولد عادة كملك النكاح فكان مفضيا الى حصول الولد كملك النكاح الا أنه أضعف منه لأنه لا يقصد به ذلك مثل ما يقصد بملك النكاح.
وأما فى الأمة فلا يوجب الفراش بنفسه بالاجماع حتى لا تصير الأمة فراشا بنفس الملك بلا خلاف وهل تصير فراشا بالوط ء اختلف فيه فقال أصحابنا رضى الله تعالى عنهم لا تصير فراشا الا بقرينة الدعوة خلافا للشافعى رحمه الله تعالى وعبارة مشايخنا أن الفراش ثلاثة فراش قوى وفراش ضعيف وفراش وسط فالقوى فراش المنكوحة حتى يثبت النسب من غير دعوة ولا ينتفى الا باللعان والوسط فراش أم الولد حتى يثبت النسب من غير دعوة وينتفى بمجرد النفى من غير لعان والضعيف فراش الأمة حتى لا يثبت النسب فيه الا بالدعوة عندنا خلافا للشافعى رحمة الله تعالى. ودليلنا أن وط ء الأمة لا يقصد به حصول الولد عادة لأنها لا تشترى للوط ء عادة بل للاستخدام والاسترباح ولو وطئت فلا يقصد به حصول الولد عادة لأن الولد لا يحصل الا بترك العزل والظاهر فى الاماء هو العزل والعزل بدون رضاهن مشروع فلا يكون وطؤها سببا لحصول الولد الا بقرينة الدعوة ولأنه لما ادعى علم بقرينة الدعوة انه وطئها ولم يعزل عنها والوط ء من غير عزل سبب لحصول الولد