للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيثبت النسب حتى لو كان المولى وطئها وحصنها ولم يعزل عنها لا يحل له النفى فيما بينه وبين الله تعالى عز شأنه بل تلزمه الدعوى والاقرار به.

ثم قال صاحب (١) البدائع: ويستوى فى فراش الملك ملك كل المحل وبعضه وملك الذات وملك اليد فى ثبوت النسب لأنه ماله من الملك أوجب النسب بقدره الا أن النسب لا يتجزأ فمتى ثبت فى البعض يتعدى الى الكل وتصير الجارية أم ولد له وعليه نصف قيمتها لشريكه ونصف العقر ولا يضمن قيمة الولد ولو ادعياه جميعا معا فهو ابنهما والجارية أم ولد لهما وهذا عندنا خلافا للشافعى رحمه الله تعالى فعنده هو ابن احدهما ويتعين بقول القائف. ودليلنا اجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم فانه روى أنه وقعت هذه الحادثة فى زمن سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه فكتب الى شريح لبسا فلبس عليهما ولو بينا لبين لهما هو ابنهما يرثهما ويرثانه وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينقل انه أنكر عليه منكر فيكون اجماعا لأن سبب استحقاق النسب بأصل الملك وقد وجد وجد لكل واحد منهما فيثبت بقدر الملك حصة للنسب ثم يتعدى لضرورة عدم التجزى فيثبت نسبه من كل واحد منهما على الكمال وكذلك لو كانت الجارية بين ثلاثة أو أربعة أو خمسة فادعوه جميعا معا فهو أبنهم جميعا ثابت نسبه منهم والجارية أم ولد لهم عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى. وقال أبو يوسف رحمة الله تعالى لا يثبت من أكثر من اثنين وقال محمد رحمة الله تعالى لا يثبت من أكثر من ثلاثة ووجه قوله أبى يوسف رحمه الله تعالى أن القياس يأبى ثبوت النسب من أكثر من رجل واحد الا انا تركنا القياس فى رجلين بأثر سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه فبقى حكم الزيادة مردودا الى أصل القياس ووجه قول محمد رحمه الله تعالى ان الحمل الواحد يجوز أن يكون ثلاثة أولاد وكل واحد منهم يجوز أن يخلق من ماء على حدة وقد جاء عن ابراهيم النخعى رحمه الله تعالى انه أثبت النسب من ثلاثة فاما الزيادة على الثلاثة فى بطن واحد فنادر غاية الندرة فالشرع الوارد فى الاثنين يكون واردا فى الثلاثة ووجه قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى ان الموجب لثبات النسب لا يفصل بين عدد الاثنين والخمسة فالفصل بين عدد وعدد يكون تحكما من غير دليل وسواء كانت الانصباء متفقة أو مختلفة بأن كان لأحدهم السدس وللآخر الربع وللآخر الثلث وللآخر ما بقى فالولد ابنهم جميعا فحكم النسب لا يختلف لأن سبب ثبات النسب هو أصل الملك لا صفة الملك، ولو كانت (٢) الجارية بين الأب والابن فجاءت بولد فأدعياه جميعا معا فالأب أولى عند علمائنا الثلاثة وعند زفر رحمه الله تعالى يثبت النسب منهما جميعا ووجه قوله انهما استويا فى سبب الاستحقاق وهو أصل الملك فيستويان فى الاستحقاق.

ولنا أن الترجيح لجانب الأب لأن نصف الجارية ملكه حقيقة وله حق تمليك النصف الآخر وليس للأبن الا ملك النصف فكان الأب


(١) بدائع الصنائع للكاسانى ج‍ ٦ ص ٢٤٤ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٦ ص ٢٤٥ وما بعدها الطبعة السابقة.