للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للترجيح ولو كان أحدهما حرا والآخر عبدا فالحر أولى لأنه أنفع للقيط‍ وان كانا حرين مسلمين فان ذكر أحدهما علامة فى بدن اللقيط‍ ولم يذكر الآخر فوافقت دعوته العلامة فصاحبها أولى لرجحان دعواه بالعلامة لأن الشرع ورد بالترجيح بالعلامة فى الجملة قال الله تبارك وتعالى فى قصة سيدنا يوسف عليه أفضل التحية «وشهد شاهد من أهلها ان كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وان كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قد من دبر قال انه من كيدكن ان كيدكن عظيم» جعل قد القميص من خلف دليل مراودتها اياه لما ان ذلك علامة جذبها اياه الى نفسها والقد من قدام علامة دفعها اياه عن نفسها وكذلك قال أصحابنا فى لؤلؤى ودباغ فى حانوت واحد هو فى أيديهما فيه لؤلؤ واهاب فتنازعا قال أصحابنا انه فيهما يقضى باللؤلؤ للؤلئى وبالاهاب للدباغ لأن الظاهر يشهد باللؤلؤ للؤلؤى وبالاهاب للدباغ وكذلك قالوا فى الزوجين اختلفا فى متاع البيت ان ما يكون للرجال يجعل فى يد الزوج وما يكون للنساء يجعل فى يدها ونحو ذلك من المسائل بناء على ظاهر الحال وغالب الأمر هكذا فان ادعى أحدهما علامات فى هذا اللقيط‍ فوافق البعض وخالف البعض ذكر الكرخى رحمه الله تعالى انه يثبت نسبه منهما لأنه وقع التعارض فى العلامات فسقط‍ الترجيح بها كأن سكت عن ذكر العلامة رأسا، وان لم يذكر أحدهما علامة أصلا ولكن لأحدهما بينة فانه يقضى له لأن الدعوة لا تعارض البينة وان لم يكن لأحدهما بينة ثبت نسبه منهما جميعا وهذا لاستوائهما فى الدعوة، ولو قال أحد المدعيين هو ابنى وهو غلام فاذا هو جارية لم يصدق لأنه ظهر كذبه بيقين ولو قال أحدهما هو ابنى وقال الآخر هو ابنتى فاذا هو خنثى يحكم مباله فان كان يبول من مبال الرجال فهو ابن مدعى البنوة وان كان يبول من مبال النساء فهى ابنة مدعى البنتية وان كان يبول منهما جميعا يعتبر السبق فان استويا فى السبق فهو مشكل عند أبى حنيفة وعندهما تعتبر كثرة البول فان استويا فى ذلك فهو مشكل لأن هذا حكم الخنثى وينبغى أن يثبت منهما جميعا.

ولو قال الملتقط‍ هو ابنى من زوجتى هذه فصدقته فهو ابنهما حرة كانت أو أمة غير انها ان كانت حرة كان الابن حرا بالاجماع وان كانت (١) أمة كان ملكا لمولى الأمة عند أبى يوسف رحمه الله تعالى وعند محمد رحمه الله تعالى يكون حرا وجه قول محمد رحمه الله تعالى ان نسبه وان ثبت من الأمة لكن فى جعله تبعا لها فى الرق مضرة بالصبى وفى جعله حرا منفعة له فيتبعها فيما ينفعه ولا يتبعها فيما يضره كالذمى اذا ادعى نسب لقيط‍ ثبت نسبه منه لكن لا يتبعه فيما يضره وهو دينه لما قلنا كذا هذا ووجه قول أبى يوسف رحمه الله تعالى ان الأصل ان الولد يتبع الأم فى الرق والحرية فكان من ضرورة ثبوت النسب منها أن يكون رقيقا والرق وان كان يضره فهو ضرر يلحقه ضرورة غيره فلا يعتبر ولو ادعته امرأة انه ابنها وهى حرة أو أمة ذكر فى الأصل انها لا تصدق على ذلك حتى تقيم البينة انها ولدته وان أقامت امرأة واحدة على الولادة قبلت اذا كانت حرة عدلة وأطلق الجواب فى الأصل ولم يفصل بين ما اذا كان لها زوج أم لا، منهم من


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج‍ ٦ ص ٢٥٣ وما بعدها الطبعة السابقة.