استويا فى البينة فيرجح صاحب اليد باليد وان كان بين الخارجين وبين ذى اليد فان أمكن ترجيح احدهما بوجه من الوجوه من الاسلام والحرية والعلامة واليد وقوة الفراش وغير ذلك من أسباب الترجيح يعمل بالراجح وان استويا يعمل بهما ويثبت النسب منهما وعلى هذا اذا ادعى احدهما أن اللقيط ابنه وادعى الآخر انه عبده يقضى للذى ادعى أنه ابنه لأنه يدعى الحرية والآخر يدعى الرق فبينة الحرية أقوى وكذلك لو أقام احدهما البينة أنه ابنه من هذه الحرة وأقام الآخر البينة أنه ابنه من هذه الأمة فهو ابن الحر والحر لما قلنا ولو أقام كل واحد منهما البينة انه ابنه من امرأة حرة فهو ابن الرجلين وابن المرأتين على قياس قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما ابن الرجلين لا غير ولو ادعاه رجلان ووقتت بينة كل واحد منهما فان استوى الوقتان ثبت النسب منهما لاستواء البينتين ولو كان وقت احداهما أسبق بحكم سن الصبى فيعمل عليه لأنه حكم عدل فان أشكل حسنه فعلى قياس قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى يقضى لأسبقهما وقتا وعندهما يقضى لهما ووجه قولهما أنه اذا أشكل السن سقط اعتبار التاريخ أصلا كأنهما سكتا عنه ولأبى حنيفة رحمه الله تعالى انه اذا أشكل السن لم يصلح حكما فبقى الحكم للتاريخ فيرجح الأسبق، ولو أدعى رجل أن اللقيط ابنه وأقام البينة وادعت المرأة أنه ابنها وأقامت البينة فهو بينهما لعدم التنافى بين ثبوت نسبه منهما كما اذا ادعاه رجلان بل أولى وعلى هذا، غلام قد احتلم ادعى على رجل وامرأة أنه ابنهما وأقام البينة وادعى رجل آخر وامرأته أن الغلام ابنهما وأقاما البينة ثبت نسب الغلام من الأب والأم الذى ادعى الغلام انه ابنهما ويبطل النسب الذى أنكره الغلام لأن البينتين تعارضتا وترجحت بينة الغلام بيده اذ هو فى يد نفسه كالخارجين اذا أقاما البينة ولاحدهما يد كان صاحب اليد أولى كذا هنا وكذلك لو كان الغلام نصرانيا فأقام بينة من المسلمين على رجل نصرانى وامرأة نصرانية وادعاه مسلم ومسلمة وأقاما البينة فبينة الغلام أولى ولا تترجح بينة المدعى المسلم لأنه لا يد له وان كان مسلما، وان كانت بينة الغلام من النصارى يقضى بالغلام للمسلم والمسلمة لأن شهادة الكافر على المسلم غير مقبولة فالتحقت بالعدم فبقى مجرد الدعوة من الغلام فلا تعارض بينة المسلم والمسلمة ويجبر الغلام على الاسلام.
ولو كان غلام فى يد انسان ادعى صاحب اليد أنه ابنه وولدته أمته هذه فى ملكه وأقام البينة على ذلك وادعى خارج أن الغلام ابنه ولدته الأمة فى ملكه وأقام البينة فان كان الغلام صغيرا لا يتكلم يقضى به لصاحب اليد لاستوائهما فى البينة فيرجح صاحب اليد باليد كما فى النكاح وان كان كبيرا يتكلم فقال:
أنا ابن الآخر يقضى بالأمة والغلام للخارج لأن الغلام اذا كان كبيرا يتكلم فى يد نفسه فالبينة التى يدعيها الغلام أولى (١)
(١) كتاب بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٦ ص ٢٥٤، ٢٥٥ وما بعدها الطبعة السابقة وكتاب الدر المختار شرح تنوير الأبصار على رد المحتار للشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين المعروف بحاشية ابن عابدين ج ٤ ص ٤٦٦ وما بعدها الطبعة الثالثة طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية ١٣٢٥ هـ.