للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دفع الاشكال والمتعلق بالرضاع حرمة النكاح وجواز النظر والخلوة وعدم نقض الطهارة والامساك عنه سهل فلم يجبر عليه الرضيع ولا يعرض أيضا على القائف ويفارق ولد النسب بان معظم اعتماد القائف على الاشباه الظاهرة دون الأخلاق وانما جاز انتسابه لأن الانسان يميل الى من ارتضع من لبنه ولا تنقطع نسبه اللبن عن صاحبه من زوج أو غيره مات أو من زوج طلق وله اللبن وجاء فى المهذب (١): انه ان تداعى نسب اللقيط‍ رجلان لم يجز الحاقه بهما معا لأن الولد لا ينعقد من اثنين، والدليل عليه قوله تعالى:

«إِنّا خَلَقْناكُمْ ٢ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى» فان لم يكن لواحد منهما بينة عرض الولد على (٣) القافة فان الحقته باحدهما لحق به، لما روت عائشة رضى الله تعالى عنها قالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلّم أعرف السرور فى وجهه فقال: (ألم ترى الى مجزز المدلجى نظر الى اسامة وزيد وقد غطيا رؤسهما وقد بدت أقدامهما). فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض فلو لم يكن ذلك حقا لما سر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل يجوز ان يكون من غير بنى مدلج؟ فيه وجهان.

احدهما: لا يجوز لأن ذلك ثبت بالشرع ولم يرد الشرع الا فى بنى مدلج.

والثانى: انه يجوز وهو الصحيح لأنه علم يتعلم ويتعاطى فلم تختص به قبيلة كالعلم بالأحكام، وهل (٤) يجوز ان يكون واحدا فيه وجهان.

احدهما: انه يجوز لأن النبى صلّى الله عليه وسلم سر بقول مجزز المدلجى وحده ولأنه بمنزلة الحاكم لأنه يجتهد ويحكم كما يجتهد الحاكم ثم يحكم.

والثانى: لا يجوز أقل من اثنين لأنه حكم بالشبه فى الخلقة فلم يقبل من واحد كالحكم فى المثل فى جمراء الصيد ولا يقبل الا قول من جرب وعرف بالقيافة حذقه كما لا يقبل فى الفنيا الا قول من عرف فى العلم حذقه، وان الحقته القافه بهما أو نفته أو أشكل الأمر عليها أو لم تكن قافة ترك حتى يبلغ ويؤخذان بالنفقة عليه لأن كل واحد منهما يقول: أنا الأب، وعلى نفقته فاذا بلغ أمرناه ان ينتسب الى من يميل طبعه اليه، لما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه قال للغلام الذى الحقته القافة بهما الحال، ايهما شئت ولأن الولد يجد لوالده ما لا يجد لغيره فاذا تعذر العمل بقول القافة رجع الى اختيار الولد، وهل يصح أن ينتسب اذا صار مميزا ولم يبلغ؟ فيه وجهان. احدهما: يصح كما يصح أن يختار أن يكون مع أحد الأبوين اذا صار مميزا.

والثانى: لا يصح لأنه قول يتعين به النسب ويلزم الأحكام به فلا يقبل من الصبى، ويخالف أختيار أن يكون مع أحد الأبوين لأن ذلك غير لازم ولهذا لو اختار احدهما ثم انتقل الى الآخر جاز ولا يجوز ذلك فى النسب وان كان لأحدهما بينة قدمت على القافة لأن البينة


(١) المهذب لأبى اسحاق الفيروزابادى الشيرازى ج‍ ١ ص ٤٣٧ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ١٣ من سورة الحجرات.
(٣) القافه وهم قوم من بنى مدلج من كنانة.
(٤) المرجع السابق لأبى اسحق الشيرازى الفيروزابادى ج‍ ٢ ص ٤٣٧ وما بعدها الطبعة السابقة.