للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تخبر عن سماع أو مشاهدة والقافة تجز عن اجتهاد فان كان لكل واحد منهما بينة فهما متعارضتان لأنه لا يجوز أن يكون الولد من اثنين، ففى أحد القولين يسقطان ويكون كما لو كان لم تكن بينة وفى الثانى تستعملان، فعلى هذا هل يقرع بينهما؟ فيه وجهان.

احدهما: يقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة قضى له لأنه لا يمكن قسمة الولد بينهما ولا يمكن الوقف لأن فيه أضرارا باللقيط‍ فوجبت القرعة.

والثانى: لا يقرع لأن معنا ما هو أقوى من القرعة وهو القافة فعلى هذا يصير كما لو لم يكن بينهما بينة وجاء فى (١) المهذب: ان ادعى حر مسلم نسب اللقيط‍ لحق به وتبعه فى الاسلام لأنه يقر له بحق لا ضرر فيه على أحد فقبل كما لو أقر به بمال وله أن يأخذه من الملتقط‍ لأن الوالد أحق بكفالة الولد من الملتقط‍ وان كان الذى أقر بالنسب هو الملتقط‍ فالمستحب أن يقال له من أين صار ابنك لأنه ربما اعتقد أنه بالالتقاط‍ صار أبا له وان ادعى نسبه عبد لحق به لأن العبد كالحر فى السبب الذى يلحق به النسب ولا يدفع اليه لأنه لا يقدر على حضانته لاشتغاله بخدمة مولاه، وان ادعى نسبه كافر لحق به لأن الكافر كالمسلم فى سبب النسب، وهل يصير اللقيط‍ كافرا قال فى اللقيط‍: أحببت أن أجعله مسلما، وقال فى الدعوى والبينات أجعله مسلما فمن الأصحاب من قال: أن أقام البينة حكم بكفره قولا واحدا وان لم تقم البينة ففيه قولان. احدهما: يحكم بكفره لأنا لما حكمنا بثبوت نسبه فقد حكمنا بأنه ولد على فراشه.

والقول الثانى يحكم باسلامه لأنه محكوم باسلامه بالدار فلا يحكم بكفره بقول كافر وقال أبو اسحاق رحمه الله تعالى الذى قال فى اللقيط‍ أراد به اذا ادعاه وأقام البينة عليه لأنه قد ثبت بالبينة انه ولد على فراش كافر والذى قال فى الدعوى والبينات أراد اذا ادعاه من غير بينة لأنه محكوم باسلامه بظاهر الدار فلا يصير كافرا بدعوى الكافر وهذا الطريق هو الصحيح لأنه نص عليه فى الاملاء واذا قلنا انه يتبع الأب فى الكفر فالمستحب أن يسلم الى مسلم الى أن يبلغ احتياطا للاسلام فان بلغ ووصف الكفر أقررناه على كفره وان وصف الاسلام حكمنا باسلامه من وقته، وان ادعت امرأة نسب اللقيط‍ ففيه ثلاثة أوجه احدهما يقبل لأنها أحد الأبوين فقبل أقرارها بالنسب كالأب والوجه الثانى: لا يقبل وهو ظاهر النص لأنه يمكن اقامة البينة على ولادتها من طريق المشاهدة فلا يحكم فيها، بالدعوى بخلاف الأب فانه لا يمكن اقامة البينة على ولادته عن طريق المشاهدة ققبلت فيه دعواه ولهذا قلنا انه اذا قال لامرأته ان دخلت الدار فأنت طالق لم يقبل قولها فى دخول الدار الا ببينة ولو قال لها ان حضت فأنت طالق قبل تولها فى الحيض من غير بينة لما ذكرناه من الفرق فكذلك هاهنا.

والوجه الثالث: ان كانت فراشا لرجل لم يقبل قولها لأن اقرارها يتضمن الحاق


(١) المهذب للشيخ اسحاق الفيروزابادى الشيرازى ج‍ ١ ص ٣٧٦، ٣٧٧ وما بعدها الطبعة السابقة.