للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لصاحب الفراش وانما تكون الأمة فراشا اذا صح أن سيدها افترشها ببينة بذلك أو ببينة باقراره بذلك، واذا (١) صح أن الحمل منه فواجب فسخ بيع الحر وبيع أم الولد وفسخ عتق من أعتقهما وفسخ ايلاد من أولدها بعد ذلك وبهذا جاء الاثر عن السلف روينا عن طريق عبد الرازق حدثنا معمر وابن جريح كلاهما عن الزهرى رحمه الله تعالى عن سالم ابن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنهم قال: بلغنى أن رجالا منكم يعزلون فاذا حملت الجارية قال: ليس منى، والله لا أوتى برجل منكم فعل ذلك الا ألحقت به الولد فمن شاء فليعزل ومن شاء لا يعزل، ومن طريق عبد الرازق عن عبيد الله ابن عمر عن نافع عن صفية بنت أبى عبيد أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: من كان منكم يطأ جاريته فليحصنها فان أحدكم لا يقر باصابته جاريته الا ألحقت به الولد، ثم قال ابن حزم (٢): الولد يلحق فى النكاح الصحيح وفى العقد الفاسد بمن جهل فساده ولا يلحق بالعالم بفساده، ويلحق فى الملك الصحيح وفى المتملكة بعقد فاسد بالجاهل ولا يلحق بالعالم بفساده لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألحق الناس بمن ولدوا ممن تزوجوا من النساء وممن تملكوا فى الجاهلية ولا شك أنه كان فيهم من نكاحه فاسد وملكه فاسد ونفى أولاد الزنا جملة بقوله عليه الصلاة والسّلام وللعاهر الحجر وأما العالم بفساد عقد النكاح أو عقد المالك فهو عاهر عليه الحد فلا يلحق به الولد والولد يلحق بالمرأة اذا زنت وحملت به ولا يلحق بالرجل ويرث أمه وترثه لأنه غلبه الصلاة والسّلام ألحق الولد بالمرأة فى اللعان ونفاه عن الرجل والمرأة فى استلحاق الولد بنفسها كالرجل بل هى أقوى سببا فى ذلك لما ذكرنا من أنه يلحق بها من حلال كان أو من حرام ولأنه لا شك انه منها اذا صح أنها حملته.

وقال ان كل من ادعى من المسلمين حرا كان أو عبدا ان ذلك اللقيط‍ ابنه صدق ان أمكن أن يكون ما قال حقا فان تيقن كذبه ام يلتفت.

برهان ذلك أن الولادات لا تعرف الا بقول الآباء والأمهات وهكذا انساب الناس كلهم ما لم يتيقن الكذب، وانما قلنا من المسلمين - للثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله (كل مولود يولد على الفطرة وعلى الملة) وقوله عليه السّلام عن ربه تعالى فى حديث عياض بن حماد المجاشعى رحمه الله تعالى: «خلقت عبادى حنفاء كلهم» ولقوله تعالى «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا ٣ بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ» فان ادعاه كافر لم يصدق لأن فى تصديقه اخراجه عن ما قد صح له من الاسلام ولا يجوز ذلك الا حيث أجازه النص ممن ولد على فراش كافر من كافرة فقط‍ ولا فرق بين حر وعبد فيما ذكرنا وقال البعض لا يصدق العبد لأن فى تصديقه ارقاق الولد وكذبوا فى هذا ولد العبد من الحرة حر لا سيما على أصلهم فى أن العبد لا يتسرى. وأما نحن فقد قلنا: ان الناس على الحرية ولا تحمل امرأة العبد الا على


(١) المحلى لابن حزم الظاهرى ج‍ ١٠ ص ٣٢٢
(٢) المرجع السابق ج‍ ١٠ ص ٣٢٢، ٣٢٣
(٣) الآية رقم ١٧٢ من سورة الأعراف.