للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معلوم وهو ان المرتد لا يسترق ويقتل واما المرتدة فتسترق ولا تقتل وتجبر على الاسلام بالحبس واما حكم الأولاد فالولد الأول يجبر على الاسلام ولا يقتل لأنه كان مسلما باسلام أبويه تبعا لهما فلما بلغ كافرا فقد ارتد عنه والمرتد يجبر على الاسلام الا أنه لا يقتل لأن هذه ردة حكمية لا حقيقية لوجود الايمان حكما بطريق التبعية لا حقيقة فيجبر على الاسلام لكن بالحبس لا بالسيف اثباتا للحكم على قدر العلة ولا يجبر ولد ولده على الاسلام لأن ولد الولد لا يتبع فى الجد فى الاسلام اذ لو كان لذلك لكان الكفار كلهم مرتدين لكونهم من أولاد آدم ونوح عليهما الصلاة والسّلام فينبغى ان تجرى عليهم أحكام أهل الردة وليس كذلك بالاجماع وان كان الولد مولودا فى الردة بان ارتد الزوجان ولا ولد لهما ثم حملت المرأة من زوجها بعد ردتها وهما مرتدان على حالهما فهذا الولد بمنزلة أبوية له حكم الردة حتى لو مات لا يصلى عليه لأن المرتد لا يرث أحدا، ولو لحقا بهذا الولد بدار الحرب فبلغ وولد له أولاد فبلغوا ثم ظهر على الدار وسبوا جميعا يجبر ولد الأب وولد ولده على الاسلام ولا يقتلون كذا ذكر محمد رحمه الله تعالى فى كتاب السير وذكر فى الجامع الصغير أنه لا يجبر ولد ولده على الاسلام ووجه ما ذكر فى السير ان ولد الأب تبع لأبويه فكان محكوما بردته تبعا لأبويه وولد الولد تبع له فكان محكوما بردته تبعا له والمرتد يجبر على الاسلام الا أنه لا يقتل لأن هذه ردة حكمه فيجبر على الاسلام بالحبس لا بالقتل ووجه المذكور فى الجامع ان هذا الولد انما صار محكوما بردته تبعا لأبيه والتبع لا يستتبع غيره واما حكم الاسترقاق فذكر فى السير أنه يسترق الأناث والذكور الصغار من أولاده لأن أمهم مرتدة وهى تحتمل الاسترقاق والولد كما تبع الأم فى الرق يتبعها فى احتمال الاسترقاق واما الكبار فلا يسترقون لانقطاع التبعية بالبلوغ ويجبرون على الاسلام وذكر فى الجامع الصغير ان الولدين فئ اما الأول فلأن أمه مرتدة واما الآخر فلأنه كافر أصلى لأن تبعية الأبوين فى الردة قد انقطعت بالبلوغ وهو كافر فكان كافرا أصليا فاحتمل الاسترقاق ولو ارتدت امرأة وهى حامل ولحقت بدار الحرب ثم سبيت وهى حامل كان ولدها فيئا لأن السبى لحقه وهو فى حكم جزء الأم فلا يبطل بالانفصال من الأم. اما بالنسبة الى أهل الذمة فانهم اذا التحقوا بدار الحرب انتقض عهدهم فقد جاء فى الزيلعى (١):

ينتقض عهد الذمى بالالتحاق بدار الحرب أو بغلبتهم على موضع للحراب لأنهم بذلك صاروا حربا علينا فلا يفيد ابقاء العهد بعد ذلك لأن المقصود من عقد الذمة دفع الفساد بترك القتال وصاروا بالتحاقهم بدار الحرب أو بالغلبة كالمرتد فى حل قتلهم ودفع مالهم لورثتهم لأنهم التحقوا بالأموات بتباين الدارين غير انهم يسترقون ولا يجبرون على قبول الذمة بخلاف المرتد حيث لا يسترق ويجبر على الاسلام لأن كفر المرتد أغلظ‍ فأوجب الزيادة فى العقوبة ولأن المقصود من كل واحد منهما ان يرجع الى ما كان عليه فباسترقاق الذمى يحصل المقصود منه وهو دفع فساده وحرابه بذلك بخلاف المرتد لأن المقصود منه الاسلام فلا يحصل الاسلام


(١) تبيين الحقائق مع حاشية الشلبى فى كتاب ج‍ ٣ ص ٢٨٢ الطبعة السابقة.