للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى ظاهر الرواية لا تسترق لأن حريتها المتأكدة بالاحراز لم تبطل بنفس الردة وهى دافعة للاسترقاق ولأن دار الاسلام ليست بدار الاسترقاق.

وفى النوادر عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى انها تسترق لأنا لما جعلنا المرتد بمنزلة حربى مقهور لا أمان له فكذلك المرتدة بمنزلة حربية مقهورة لا أمان لها فتسترق وان كانت فى دارنا فان تصرفت فى مالها بعد الردة نفذ تصرفها ما دامت فى دار الاسلام لأنها تصرفت فى خالص ملكها بخلاف الرجل على قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى وأشار الى الفرق قال: المرأة لا تقتل والرجل يقتل ومعنى هذا ان عصمة المال تبع لعصمة النفس فبالردة لا تزول عصمة نفسها حتى لا تقتل فكذلك عصمة مالها بخلاف الرجل ولهذا استوت بالرجل فى التصرف بعد اللحوق لأن عصمة نفسها تزول بلحاقها حتى تسترق والاسترقاق اتلاف حكما فكذلك عصمة مالها فان ماتت فى الحبس أو لحقت بدار الحرب قسم مالها بين ورثتها ويستوى (١) فى ذلك كسب اسلامها وكسب ردتها لما بينا ان العصمة باقية بعد ردتها فكان كل واحد من الكسبين ملكها فيكون ميراثا لورثتها ولا ميراث لزوجها منها لأنها بنفس الردة قد بانت منه ولم تصر مشرفة على الهلاك فلا تكون فى حكم الفارة المريضة ولزوجها ان يتزوج بأختها بعد لحاقها قبل انقضاء عدتها لأنها صارت حربية فكانت كالميتة فى حقه وبعد موتها له ان يتزوج أختها ولأنه لا عدة على الحربية من المسلم لأن العدة فيها حق الزوج وتباين الدارين مناف له فان سبيت أو عادت مسلمة لم يضر ذلك نكاح الأخت لأنه بعد ما سقطت العدة عنها لا تعود معتدة ثم ان جاءت مسلمة فلها ان تتزوج من ساعتها لأنها فارغة عن النكاح والعدة وان سبيت أجبرت على الاسلام كما تجبر عليه قبل لحاقها وان ولدت بأرض الحرب ثم سبيت ومعها ولدها كان ولدها فيئا معها لأن ولدها بمنزلتها وهى حربية تسترق فكذلك ولدها ولو مات (٢) مسلم عن امرأته وهى حامل فارتدت ولحقت بدار الحرب فولدت هناك ثم ظهرنا على الدار فانه لا يسترق ويرث اياه لأنه مسلم تبعا لأبيه ولو لم تكن ولدته حتى سبيت وصارت رقيقة ثم ولدته فى دار الاسلام فهو مسلم رقيق مسلم تبعا لأبيه، رقيق تبعا لأمه ولا يرث أباه لأن الرق من أسباب الحرمان اما حكم ولد المرتد فلا يخلو من أن يكون مولودا فى الاسلام أو فى الردة فان كان مولودا فى الاسلام بان ولد للزوجين ولد وهما مسلمان ثم ارتدا لا يحكم بردته مادام فى دار الاسلام لأنه لما ولد وأبواه مسلمان فقد حكم باسلامه تبعا لأبويه فلا يزول بردتهما لتحول التبعية الى الدار اذ الدار وان كانت لا تصلح لاثبات التبعية ابتداء عند استتباع الأبوين فصلح للابقاء لأنه أسهل من الابتداء فما دام فى دار الاسلام يبقى على حكم الاسلام تبعا للدار ولو لحق المرتدان بهذا الولد بدار الحرب فكبر الولد وولد له ولد وكبر ثم ظهرنا عليهم فان حكم المرتد والمرتدة


(١) المرجع السابق ج‍ ١٠ ص ١١٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) كتاب بدائع الصفائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر بن مسعود الكاسانى ج‍ ٧ ص ١٣٩، ص ١٤٠ وما بعدهما طبع مطبعة المطبوعات العلمية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍ الطبعة الأولى.