للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيجب ضمان النفس كما اذا لم تتخلل الردة ووجه قول محمد وزفر رحمهما الله تعالى ان اعتراض الردة أهدر السراية فلا ينقلب بالاسلام الى الضمان كما اذا قطعت يد مرتد فأسلم لا يجب على الفاعل شئ واذا ارتد (١) المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالا فى أيام ردته يفى بكتابته فأخذ بماله وأبى ان يسلم فقتل فانه يوفى مولاه مكاتبته وما بقى فلورثته وهذا ظاهر على أصل الصاحبين لأن كسب الردة ملكه اذا كان حرا فكذا اذا كان مكاتبا اذ الكتابة لا تبطل بالموت فبالردة أولى واذا كان ملكه قضيت منه مكاتبته واما عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى فلأن المرتد عنده وان كان لا يملك كسب الردة اذا كان حرا الا أنه يملك كسبه فى حال الردة اذا كان مكاتبا لأن المكاتب انما يملك اكسابه بعقد الكتابة والكتابة لا تتوقف بالردة ولا تبطل بالموت فيستمر موجبها مع الردة فيتحقق ملكه فى اكسابه ولا يتوقف فيقضى منها ويورث الباقى.

والمدبرة (٢) أو أم الولد اذا ارتدت ولحقت بدار الحرب فمات مولاها فى دار الاسلام ثم أخذت أسيرة جاء فى المبسوط‍ انها فئ بخلاف ما لو أسرت قبل موت المولى فانها ترد عليه لقيام ملكه فاما بعد موت المولى فقد عتقت لأن عتقها كان تعلق بموت المولى وتباين الدارين لا يمنع نزول العتق عند وجود شرطه واذا عتقت فهى حرة مرتدة أسرت من دار الحرب فتكون فيئا.

ولو ان عبدا ارتد مع مولاه ولحقا بدار الحرب فمات المولى هناك وأسر العبد فهو فئ لأنه مال حربى فقد أحرزه مع نفسه بدار الحرب وذلك مانع من ثبوت حق ورثته المسلمين فيه فيكون فيئا ويقتل ان لم يسلم لردته.

ولو ارتد (٣) العبد وأخذ مال مولاه فذهب به الى دار الحرب الا ترى أنه لو أبق منه غير مرتد فدخل دار الحرب لم يكن محرزا نفسه عليه فكذلك اذا أبق مرتدا وكذلك لا يكون محرزا لما معه من المال فيرد ذلك كله على المولى ثم أخذ مع ذلك المال لم يكن فيئا ويرد على مولاه لأن العبد باق على ملكه فلا يكون محرزا نفسه بدار الحرب.

وفى المبسوط‍ (٤): ان المرتدة اذا لحقت بدار الحرب فانها لا تقتل بل تسترق لاتفاق الصحابة رضى الله عنهم فان بنى حنيفة لما ارتدوا استرق أبو بكر رضى الله تعالى عنه نساءهم وأصاب على رضى الله تعالى عنه جارية من ذلك السبى فولدت له محمد بن حنفية رحمهما الله تعالى وذكر عاصم رحمه الله تعالى عن أبى رزين عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما فى النساء اذا ارتددن يسبين ولا يقتلن وهذا لأنها كالحربية والاسترقاق مشروع فى الحربيات وما دامت فى دار الاسلام


(١) الهداية مع شروحها فتح القدير والعناية للبابرتى فى كتاب ج‍ ٤ ص ٤٠٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) كتاب المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج‍ ١٠ ص ١١٣ وما بعدها طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٤ هـ‍ الطبعة الأولى طبعة الحاج محمد سامى المغربى التونسى.
(٣) المرجع السابق لشمس الدين السرخسى ج‍ ١٠ ص ١١٣ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج‍ ١٠ ص ١١١ الطبعة السابقة.