للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اما اذا كان بعد القضاء باللحاق فظاهر لأنه تقرر الملك للورثة ثم استولى عليه الكافر وأحرزه بدار الحرب، واما اذا عاد قبله كان عوده وأخذه ولحاقه ثانيا يرجح جانب عدم العود ويؤكده فيقرر موته، وما أحتيج الى القضاء باللحاق لصيرورته ميراثا الا ليترجح عدم عوده فيتقرر اقامته ثمة فيتقرر موته فكان رجوعه وأخذه ثم عوده ثانيا بمنزلة القضاء وفى بعض روايات السير جعله فيئا لأن بمجرد اللحاق لا يصير المال ملكا للورثة والوجه ظاهر الرواية واذا (١) لحق المرتد بدار الحرب وله عبد فقضى به لابنه فكاتبه الابن ثم جاء المرتد مسلما قبل أداء بدل الكتابة فالكتابة جائزة والولاء وبدل الكتابة للمرتد الذى أسلم لأنه لا وجه الى بطلان الكتابة لنفوذها بدليل منفذ وهو القضاء بالعبد له ولا وجه الى نقل الملك الى الأب لأن المكاتب لا يحتمل النقل من ملك الى ملك فجعل كأن الابن وكيل عنه فانه لما لحق بدار الحرب كان كأنه سلط‍ ابنه على التصرف فى ماله وحقوق العقد ترجع الى الموكل فى الوكالة بالكتابة والولاء لمن يقع العتق عنه فلذا كان الولاء للمرتد الذى عاد مسلما بخلاف ما اذا كان أدى بدل الكتابة الى الابن فان الولاء حينئذ يكون للابن لأن الملك الذى كان للمرتد لم يبق قائما حينئذ واذا قتل المرتد رجلا خطأ ثم لحق بدار الحرب أو قتل (٢) على ردته فالدية فى مال اكتسبه فى حال اسلامه خاصة عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى وقال الصاحبان رحمهما الله تعالى الدية فيما اكتسبه فى حال الاسلام والردة جميعا اما كون الدية فى ماله لا على العاقلة فلأن العواقل لا تعقل المرتد لأن تحملهم العقل باعتبار نصرتهم اياه التى بها يقوى على الجرأة ولا نصرة منهم للمرتد واما انها عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى فى كسب الاسلام فقط‍ فلأنه لا يملك غيره عنده بملك الكل فيكون ما لزمه من الكل.

واذا قطعت يد المسلم عمدا فارتد والعياذ بالله ثم مات على ردته أو لحق بدار الحرب ثم جاء مسلما فمات من ذلك فعلى القاطع نصف الدية فى ماله للورثة.

اما الأول وهو وجوب نصف الدية اذا مات فلأن القطع وان وقع على محل معصوم لكن السراية التى بها صار القطع قتلا حلت المحل بعد زوال عصمته فاهدرت.

واما الثانى وهو ما اذا لحق بدار الحرب ثم عاد مسلما فمات من القطع ومعناه اذا قضى القاضى بلحاقه فلأنه صار ميتا تقديرا بالقضاء باللحاق والموت يقطع السراية واسلامه حياة حادثه فى التقدير فلا يعود حكم الجناية الأولى على انها قتل لأنه ما ثبت سراية بعد انقطاع حكم القطع فوجب الاقتصار على موجب القطع الواقع فى حال العصمة من حيث هو قطع لا قصاص فيه وفى ذلك نصف دية النفس فوجب للورثة اما اذا لم يقضى القاضى بلحاقه حتى عاد مسلما فمات فهو على الخلاف فعند أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى تجب الدية كاملة وقال محمد رحمه الله تعالى وزفر يجب نصف الدية ووجه قول أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى ان الجناية وردت على محل معصوم وتمت فيه


(١) الهداية مع فتح القدير والعناية فى كتاب ج‍ ٤ ص ٣٩٩ وما بعدها الطعبة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٤٠٠ وما بعدها الطبعة السابقة.