للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد ما تعلق حقه بمالها بسبب مرضها بخلاف ما لو ارتدت وهى صحيحة فانها بردتها هذه لم تبطل له حقا متعلقا بمالها وهذا التقرير فيه جعل ردتها كطلاقه فردتها فى مرضها كطلاقه فى مرضه وردتها فى صحتها كطلاقه فى صحته وبه لا يكون فارا اذا عرض له موت وهى فى العدة بخلاف ما قررناه فى جانب الرجل فان بردته فى صحته ترث اذا عرض له موت فلو جعلت ردته كطلاقه بائنا كان مطلقا فى صحته وعروض الموت للمطلق فى صحته لا يوجب له حكم الفرار فاذا جعلنا ردته كمباشرته لسبب مرض موته ثم باصراره جعل مطلقا فى مرضه فاذا مات ثبت حكم الفرار.

وما باعه أو اشتراه أو أعتقه أو وهبه أو رهنه أو تصرف فيه من أمواله فى حال ردته فهو موقوف فان أسلم صحت عقوده وان مات أو قتل أو لحق بدار الحرب بطلت وهذا عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يجوز ما صنع فى الوجهين أى سواء أسلم أو مات أو قتل أو لحق بدار الحرب وجاء فى الهداية (١) وشروحها. وان عاد المرتد بعد الحكم بلحاقه بدار الحرب الى دار الاسلام مسلما فما وجده فى يد ورثته من ماله بعينه نقدا أو عرضا أخذه لأن الوارث انما يخلفه فيه لاستغنائه عنه حيث دخل دار الحرب وحكم بموته فاذا عاد مسلما فقد احياه الله تعالى حياة جديدة قال تعالى:

«أَوَمَنْ كانَ ٢ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ» فاذا حيى احتاج الى ماله فيقدم على الوارث بخلاف ما اذا ازاله الوارث عن ملكه سواء كان بسبب يقبل الفسخ كبيع أو هبة أو لا يقبله كعتق وتدبير واستيلاد فانه يمضى ولا عود له فيه ولا يضمنه وبخلاف أمهات أولاده ومدبريه لا يعودون فى الرق لأن القضاء بعتقهم قد صح بدليل مصحح له وهو اللحاق مرتدا لأنه كالموت الحقيقى فنفذ. والعتق بعد نفاذه لا يقبل البطلان وولاؤهم لمولاهم أعنى المرتد الذى عاد مسلما، هذا اذا جاء مسلما بعد الحكم باللحاق فلو جاء (٣) مسلما قبل ان يقضى القاضى بلحاقه فكأنه لم يزل مسلما كأنه لم يرتد قط‍ لأن لحاقه لا يستقر الا بالقضاء وما لم يستقر لا يورث فتكون أمهات أولاده ومدبروه على حالهم ارقاء وما كان عليه من الديون المؤجلة لا تحل بل تكون الى أجلها لعدم تقرر الموت وصار كالعبد اذا أبق بعد البيع قبل القبض ثم عاد فان كان بعد القضاء بالفسخ لا يبطل القضاء بالفسخ وان عاد قبله جعل الاباق كأن لم يكن، واذ لحق (٤) المرتد بماله بدار الحرب ثم ظهر المسلمون على ذلك المال فهو فئ - وان لحق المرتد بدار الحرب ثم رجع وأخذ مالا والحقه بدار الحرب فظهر على ذلك المال فحكم الورثة فيه حكم مالك مال استولى عليه الكفار ثم ظهر عليه فوجده مالكه وهو أنه ان وجده الورثة قبل القسمة رد عليهم وان وجدوه بعد القسمة أخذوه بقيمته ان شاءوا ولو كان مثليا لا يؤخذ لعدم الفائدة ولا فرق بين ان يكون عود المرتد وأخذه المال بعد القضاء بلحاقه أو قبله.


(١) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٣٩٧ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ١٢٢ من سورة الأنعام.
(٣) فتح القدير وحواشه فى كتاب ج‍ ٤ ص ٣٩٨ الطبعة السابقة.
(٤) الهداية وشروحها فتح القدير والعناية فى كتاب ج‍ ٤ ص ٣٩٩ وما بعدها الطبعة السابقة وتبين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعى مع حاشية الشلبى فى كتاب ج‍ ٣ ص ٢٨٨ وما بعدها الطبعة السابقة.