للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون القاضى قضى بلحاقه وقسم ماله بين ورثته فحينئذ ينعزل الوكيل ثم لا يعود وكيلا وان جاء مسلما لأن اللحوق بدار الحرب اذا لم يتصل به قضاء القاضى فهو غيبة واذا اتصل به قضاء (١) القاضى فهو كالموت.

واذا وكل رجلان أن يشترى لهما جارية بعينها ثم ارتد أحدهما ولحق بدار الحرب ثم اشتراها الوكيل لزم الوكيل نصفها والموكل الثانى نصفها لأن كل واحد منهما وكله بشراء النصف له ففى نصف الذى لحق بدار الحرب يكون الوكيل مشتريا لنفسه وفى نصيب الذى بقى الوكيل مشتريا له. فان قال ورثة المرتد اشتريتها قبل أن يرتد صاحبها وكذبهم الوكيل فالقول قوله مع يمينه لأن الورثة يدعون الارث فيما لم يثبت الملك لمورثهم فيه ولأن الشراء حادث فيحال بالحدوث الى أقرب الأوقات وهم يدعون فيه تاريخا سابقا ولأن الظاهر أن المرء يكون متصرفا لنفسه حتى يقوم الدليل على أنه يتصرف لغيره ولو كان الوكيل نقد من مال المرتد فالقول قول الورثة لأن الظاهر شاهد لهم فان الانسان فى تصرفه لنفسه لا ينقد من مال غيره فان أقاما البينة فالبينة بينة الورثة أيضا لأنهم يثبتون الملك لمورثهم وسبق التاريخ فى العقد الذى باشره الوكيل وعلى (٢) هذا لو كان المرتد هو الموكل وحده فالجواب لا يختلف ولو قال الوكيل اشتريتها قبل لحاقه بدار الحرب وكذبه الورثة فالقول قول الوكيل اذا كان الثمن مدفوعا اليه من مال الموكل وان لم يكن الثمن مدفوعا اليه فالقول قول الورثة لأنه يدعى عليهم وجوب ثمن المشترى وهم ينكرون ذلك وكذلك ان كان الثمن المدفوع اليه عينا فى يده أو فى يد البائع لأن ملكهم للعين ثابت أصلا وهو بادعائه العقد قبل اللحاق يبطل ملكهم واذا وكل الرجل رجلا أن يخلع امرأته على مال أو يطلقها بتا بغير مال ثم ارتد الزوج ولحق بدار الحرب أو مات وخلعها الوكيل أو طلقها فقالت المرأة فعل ذلك بعد موت زوجى أو بعد لحاقه وقال الوكيل والورثة كان ذلك فى حياته واسلامه فالقول قول المرأة والطلاق باطل ومالها مردود عليها ولها الميراث لأن الخلع والايقاع من الوكيل حادث والورثة يدعون فيه سبق التاريخ وهو ينكر فالقول قولها الا أن تقوم البينة فحينئذ يثبت التاريخ ببينة الورثة ولو وكل وكيلا بعتق عبد له على مال أو غير مال أو مكاتبته ثم ارتد الموكل ولحق بدار الحرب أو مات فقال الوكيل فعلت ذلك فى اسلامه وكذبه الورثة فالقول قول الورثة لأن سبب ملكهم فى العبد ظاهر فالوكيل مخبر بما يبطل ملكهم عن العين وهو لا يملك انشاءه فى الحال فلا يقبل قوله بخلاف ما تقدم فان الورثة لا يخلفونه فى ملك المرأة نكاحا فلهذا جعلنا القول قولها هناك وفى الحقيقة لا فرق وفى الموضعين جميعا يجعل تصرفه محالا به على أقرب الأوقات لأنه لم يثبت فيه سبق التاريخ ولهذا لو قامت لهم جميعا البينة أخذ ببينة الوكيل والعبد لأن فيها اثبات سبق التاريخ ولو دفع الى (٣) رجل ألف درهم فقال تصدق بها أو أقضها فلانا عنى ثم ارتد الآمر ولحق بدار الحرب فقال الوكيل فعلت ذلك فى اسلامه فالقول قوله لأنه أمين مسلط‍ أخبر بما


(١) المرجع السابق للسرخسى ج‍ ١٩ ص ١٣٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج‍ ١٩ ص ١٣٩ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج‍ ١٩ ص ١٤٠، ١٤١ وما بعدها الطبعة السابقة.