للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانى: لا يخرجون لما سبق لهم من الذمة وان بدلوا - قال الشافعى رحمه الله تعالى: واذا قلت فى زوجته وولده الصغير وجاريته وعبده ومكاتبه ومدبره أقره فى بلاد الاسلام فأراد اخراجهم وكرهوه فليس ذلك له فيمن يجوز له بيعه من رقيقه ان يوكل به أو يبيعه وأوقف ماله ان وجد له مال وأشهد عليه انه ملكه للنفقة على أولاده الصغار وزوجته ومن تلزمه النفقة وان لم أجد له شيئا فلا ينشأ له وقف ونفيته بكل حال عن بلاد الاسلام ان لم يسلم أو يرجع الى دينه الذى أخذت عليه منه الجزية واذا مات قبل اخراجه ورثت ماله من كان يرثه قبل أن يبدل دينه لأن الكفر كله ملة واحدة. وجاء فى نهاية (١) المحتاج: انه اذا بطل أمان رجال حصل بجزية أو غيرها لم يبطل أمان ذراريهم من نحو نسائهم والصبيان فى الأصح لانتفاء جناية منهم ناقضة أمانهم وانما تبعوا فى العقد دون النقض تغليبا للعصمة فيهما ومقابل الأصح يبطل تبعا لهم كما تبعوهم فى الأمان ولو طلبوا دار الحرب أجيب النساء دون الصبيان اذ لا اختيار لهم واذا اختار ذمى نبذ العهد واللحوق بدار الحرب بلغ المأمن وهو المحل الذى يأمن فيه على نفسه وماله من أقرب بلادهم لعدم ظهور جناية منه قال البندنيجى وغيره والمراد أقرب بلاد الحرب من دارنا قال الأذرعى هذا فى النصرانى ظاهر واما اليهودى فلا مأمن له نعلمه بالقرب من ديار الاسلام بل ديار الحرب كلهم نصارى فيما أحسب وهم أشد عليهم منا فيجوز ان يقال لليهودى اختر لنفسك مأمنا واللحوق بأى ديار الحرب شئت.

ويجوز ارقاق زوجة ذمى بمعنى انها ترق بنفس الأسر وينقطع نكاحه اذا كانت حربية حادثة بعد عقد الذمة أو خارجة عن طاعتنا حين عقدها وكذا عتيقة الصغير والكبير والعاقل والمجنون فى الأصح يجوز استرقاقه اذا لحق بدار الحرب لكونه جائزا فى سيده لو لحق بها فهو أولى والثانى المنع لئلا يبطل حقه من الولاء لا عتيق مسلم حال أسره ولو كان كافرا قبله فلا يجوز ارقاقه اذا حارب لما مر ان الولاء لا يرتفع بعد ثبوته ولا زوجته الحربية فلا يجوز ارقاقها أيضا على المذهب وهذا هو المعتمد خلافا لمقتضى كلام الروضة وفى قول من طريق يجوز الفسخ.

وجاء فى المهذب (٢): اذا دخل الحربى دار الاسلام بأمان فى تجارة أو رسالة ثبت له الأمان فى نفسه وماله ويكون حكمه فى ضمان النفس والمال وما يجب عليه من الضمان والحدود حكم المهادن لأنه مثله فى الأمان فكان مثله فيما ذكرناه وان عقد الأمان ثم عاد الى دار الحرب فى تجارة أو رسالة فهو على


(١) كتاب نهاية المحتاج الى شرح المنهاج لشمس الدين محمد بن أبى العباسى أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملى المنوفى المصرى الانصارى الشهير بالشافعى الصغير ومعه حاشية أبى الضياء نور الدين على بن على الشبراملسى القاهرى وبالهامش من حاشية أحمد بن عبد الرازق بن محمد بن أحمد المعروف بالمغربى الرشيدى ج‍ ٨ ص ٩٩ وما بعدها طبع مطبعة ومكتبة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍ - ١٩٣٨ م.
(٢) كتاب المهذب لأبى اسحاق الفيروزابادى الشيرازى وبهامشه النظم المستعذب لابن بطال الركبى ج‍ ٢ ص ٢٦٣، ٢٦٤ وما بعدها الطبعة السابقة.