للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التكليف اشترط‍ فيه ما يشترط‍ فى التكليف فيشترط‍ فى الملزم المكلف بكسر اللام المشددة - أن تكون له ولاية الالزام وتتمثل فى ولاية الشارع العامة فله الزام الناس جميعا بما كلفهم به وذلك أساس التشريع ولقد تفضل الشارع سبحانه وتعالى أن تكون ولايته فى ذلك مراعى فيها صلاح الناس وصلاح مجتمعهم على الوضع الذى يراه وهو العليم الحكيم الذى يقول فى كتابه «أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١» ويقول:

«يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ ٢ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» ويقول: «وَما جَعَلَ ٣ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» وقد دل استقرار الأحكام الشرعية على أنها لم تشرع الا لمصلحة الناس ومصلحة مجتمعهم وكان ذلك من الأمور القطعية غير أن مرد ذلك الى النصوص وثبوتها وأساس الالزام فى ذلك قوله تعالى فى سورة النساء «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ٤ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ» وكذلك تتمثل فى ولاية الانسان على نفسه فكان له أن يلزم نفسه لأن ذلك تصرف فى حقه وهى ولاية ثابتة بالكتاب لقوله تعالى:

«وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ ٥ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً» وقوله فى سورة المائدة «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ٦ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» ولأنها ولاية شرعية لا تتناول كل ما كان محظورا لأن الله سبحانه وتعالى لا يأمر بالفحشاء وكذلك تتمثل ولاية الالزام فى ولاية أولى الأمر لقوله تعالى «أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ٧» وهم أمراء المسلمين ويندرج فيهم الخلفاء والسلاطين والقضاة وغيرهم ممن له حق الأمر والارشاد كالأزواج بالنسبة للزوجات والآباء بالنسبة الى الأولاد وغيرهم.

وانما تثبت لهم هذه الولاية فيما ليس بمعصية وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:

لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق وفى رواية لأبى شيبة عن على كرم الله وجهه لا طاعة لبشر فى معصية الله تعالى وأخرج أحمد والشيخان عنه أيضا قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار يسمى علقمة فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمعوا له ويطيعوا فأغضبوه فى شئ فقال لهم اجمعوا لى حطبا فجمعوا له. قال فأوقدوا نارا فأوقدوا نارا قال ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لى وتطيعوا قالوا بلى قال فأدخلوها فنظر بعضهم الى بعض وقالوا انما قررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار فسكن غضبه وطفئت النار فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا له ذلك فقال صلّى الله عليه وسلّم لو دخلوها ما خرجوا منها انما الطاعة فى المعروف.

قيل وهل تتناول طاعتهم المباح فيه خلاف.

فقال فريق لا لأنه لا يجوز لأحد أن يحرم ما أحله الله ولا أن يحلل ما حرمه الله وقال فريق أنها تتناوله وقال بعض محققى


(١) الآية رقم ١٤ من سورة الملك.
(٢) الآية رقم ١٨٥ من سورة البقرة.
(٣) الآية رقم ٧٨ من سورة الحج.
(٤) الآية ٥٩ من سورة النساء.
(٥) الآية رقم ٣٣ من سورة الاسراء.
(٦) الآية رقم ١ من سورة المائدة.
(٧) الآية رقم ٥٩ من سورة النساء.