للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشافعية تجب طاعة ولى الأمر فى الأمر والنهى ما لم يأمر بمحرم.

وقال فريق ثالث الذى يظهر أن ما يأمر به مما ليس فيه مصلحة عامة لا يجب امتثاله الا ظاهرا فقط‍ بخلاف ما فيه هذه المصلحة فانما الطاعة فيه واجبة ظاهرا وباطنا وكذا يقول فى المباح الذى فيه ضرر بالمأمور (١).

ويشترط‍ فى الملتزم ما يشترط‍ فى كل مكلف: من العقل والبلوغ. كما يشترط‍ فيه أن يكون مختارا. فلا يصح التزام المكره اتفاقا فيما عدا اليمين والطلاق والرجعية والنكاح ففى ذلك خلاف بين الفقهاء، وأن يكون قاصدا فيما ألزم به نفسه فان كان هازلا فلا يلزم بشئ عدا ما ورد فى الحديث «ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد» الحديث وهو ظاهر كلام المالكية والإمامية اذا ما تبين ذلك. وكذا لا يصبح التزام الناس والمخطئ عند الشافعية والزيدية وكذلك لا يصبح أيضا التزام المغمى عليه والنائم. وكذلك لا يصح التزام السكران بطريق غير محظور اتفاقا (٢). ويرى الحنفية:

أن حكم التزام الناس والمخطئ هو حكم التزام المتذكر والقاصد، وذلك بناء على أن كلا من الخطأ والنسيان أمر باطنى لا سبيل الى معرفته الا من جهة من يدعيه، وليس يلتفت الى ادعائه اذ قد يتخذه وسيلة الى تضييع الحقوق فوجب لذلك أن لا يصدق وأن يعتبر بلوغه وكمال عقله واختياره أمارة على قصده وعدم خطئه أو نسيانه قصدا الى استقرار المعاملات وأن يعامل على هذا الأساس فيكون حكم الناسى حكم المتذكر، وحكم المخطئ حكم القاصد، ولكن اذا صدقهما فى ادعائهما الملتزم له فان الالتزام حينئذ يكون فاسدا أخذا باقرار صاحب الحق وهو صاحبه الذى يحق له المطالبة به وحده (ينظر مصطلح نسيان وخطأ) وكذلك لا يصح التزام المكره، سواء أكان الاكراه ملجئا أم غير ملجئ. والملجئ ما كان بقتل النفس أو باتلاف عضو أو باتلاف جميع المال، أو بالضرب المبرح الذى يخشى منه التلف … وغير الملجئ هو ما يكون بما يشق على من أكره احتماله وذلك باختلاف حال الناس ومنازلهم. ووجه ذلك أن الاكراه بقسميه ينعدم معه الرضى بأثر الالتزام، فلا يكون للملتزم ارادة ولا قصد … وقصده الى التلفظ‍ بالعبارة انما لدفع الأذى عن نفسه واذن يكون قد تلفظ‍ بها على اعتبار أنها لدفع الأذى لا على أنها ترتب أثرا فى ذمته ومع ذلك لا يكون لالتزام المكره أثر لانعدام ارادته.

وهذا هو مذهب كثير من الفقهاء ومنهم من ذهب الى ذلك مستثنيا النكاح والطلاق والرجعية واليمين والعتق، وذلك لأنها تنشأ عن غير قصد الى أثرها بدليل صحتها من الهازل بناء على حديث «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد» النكاح والطلاق والرجعية وفى رواية واليمين وفى أخرى والعتق. واذا صحت من الهازل بمجرد نطقه بالعبارة الدالة عليها


(١) الجزء الخامس من روح المعانى ص ٥٩، ص ٦٠
(٢) تحرير الأحكام ج‍ ٢ ص ٩٨، ٥١ والمغنى ج‍ ٧ ص ١١٤ والبحر الزخار ج‍ ٣ ص ١٦٦ والأزهار ج‍ ٢ ص ٤٣٥ والنيل ج‍ ٣ ص ٦٢٣