للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أحد ودون أن يستوجب شيئا للملتزم فى مقابلة التزامه فيشترط‍ فى الملتزم حينئذ ما يشترط‍ فى المتبرع وهى أهلية المتبرع شرعا بأن يكون غير محجور عليه لسفه أو (لدين) دية ان كان الملتزم به مالا أو اسقاطا. وعلى هذا فلا التزام ممن لا يعقل كالمجنون والطفل ونحوهما اتفاقا ولا من الصبى المميز لقصور عقله ولا المعتوه والنائم حال نومه اتفاقا والمغمى عليه - والتزام الصغير والمجنون بالزكاة فى أمر لهما على ما يراه أكثر الفقهاء من قبيل خطاب الوضع لا من قبيل خطاب التكليف وكذلك الوضع فى الزامهما بضمان المتلفات وعلى ذلك فيكون أثر ذلك حقا فى المال يلزم الولى بأدائه منه.

وكذلك لا يصح التزام السفيه بمال ولا يصح كذلك الزام المحجور عليه بالدين كذلك بمال لآخر ولا يصح ابراؤهما بدينا لهما مادام الحجر قائما وفى ذلك تفصيل (انظر مصطلح حجر). ويشترط‍ فى الملتزم به أن يكون معلوما للملتزم علما يمكنه من أداء ما التزم به على الوجه المطلوب، والمراد بذلك أن يكون فى امكانه العلم به والوصول الى معرفته، اذ لو شرط‍ العلم به فعلا لما استقام التكليف وذلك لاتساع المجال للاعتذار بعدم العلم وبناء على ذلك جوزوا الالزام بأحد أمور معلومة بحيث يكون للملتزم حق الخيار فيها كما جوزا بيع سلفه من ثلاثة يكون للمشترى حق تعيينها أو للبائع على ما ذهب اليه الكرخى من الحنفية خلافا للشافعية حيث لم يجوزوا البيع على هذا الوضع وكذلك جوزوا الكفالة بما سينشأ لشخص من دين لدى (١) آخر بمبايعته كأن يقول له ما بيعت فلانا فأنا كفيل بثمنه وكذلك جوزوا بيع انسان ما فى صندوقه لآخر، وان لم يكن معلوما له عند العقد وصحة الكفالة لما زاب لفلان على آخر، وعلى هذا الأساس جواز الالزام التحييد فى الملتزم به كما فى كفارة الايمان اذ خير الملتزم فيها بين الاطعام والكسوة وتحرير الرقبة لقوله تعالى:

«لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ ٢ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ‍ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ» كما جوزوا البيع مع خيار التعيين فى عدد من السلع لا يزيد على الثلاثة عند الحنفية ويصح اشتراطه للمشترى اتفاقا وللبائع عند الكرخى فيكون تعيين المبيع لمن اشترط‍ له الخيار وخالف فى ذلك باقى المذاهب، وأن يكون الملتزم به مما يستطيع من وجه اليه الالتزام أن يفعله وأن يتركه فاذا كان من الأفعال التى لا قدرة له عليها لم يصح الالتزام. وينبنى على ذلك أنه لا يصح الالتزام بالمستحيل سواء أكان مستحيلا بالنظر الى ذاته وهو المستحيل عقلا، أو بالنظر الى غيره ويسمى بالمستحيل عادة كالطيران بغير طيارة فكل مالا يمكن وجوده لا يصح الالزام


(١) شرائع الاسلام ج‍ ١ ص ١٠٢، ١٠٤، ١٦٥، ١٩٥، ٢٠٦، ٢٥٦ فتح القدير ج‍ ٣ ص ٣٤٣ الأم ج‍ ٥ ص ٢٣٤ المحلى ج‍ ٨ ص ٤٩ الأزهار ج‍ ٣ ص ٤٣٥، ٥١٠ المغنى ج‍ ٥ ص ١٣٨، ج‍ ٦ ص ١٠٢، ج‍ ٨ ص ١٩٤ والمحلى ج‍ ١٠ ص ٣٤٤
(٢) الآية رقم ٨٩ من سورة المائدة.