للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للغير والموت لا يذهب بحقوق الناس ومنه ما يسقط‍ بالموت وذلك فى العقود الآتية:

١ - الاجارة فعقد الاجارة يقتضى الزام المؤجر بتسليم العين المستأجرة والزام الأجير بأن يقوم بالعمل الذى استؤجر له.

ويرى الحنفية ان وفاة كل من المؤجر والأجير والمستأجر تنهى التزامه سواء أبدأ فى الوفاء به أم لم يبدأ فينفسخ عقد الاجارة بالموت ويبطل ما ترتب عليه من التزام ان لم يبدأ فى الوفاء، أو ما بقى منه ان بدأ به ثم حصلت الوفاة قبل انتهائه وأساس ذلك أن عقد الاجارة ينعقد ساعة فساعة على حسب وجود المنافع عند استيفائها فاذا توفى أحد المتعاقدين انتهى العقد لعدم صلاحية المتوفى للاستمرار فى العقد بعد وفاته وذلك عند بعض الفقهاء كالحنفية خلافا لبعضهم كالشافعية وفى بيان ذلك تفصيل وأحكامه «يرجع الى مصطلح (١) اجارة».

٢ - المزارعة والمساقاة: فان من نتيجتهما التزام صاحب الأرض بتسليمها الى المزارع وتمكينه من العمل فيها والتزام المزارع بالقيام بما وجب عليه بالعقد والتزام صاحب الشجر والنخل بتمكين المساقى من العمل فيها والتزام المساقى بما وجب عليه بالعقد وهما عقدان لازمان عند الحنفية الا المزارعة بالنظر الى من شرط‍ عليه البذر وذلك قبل بذره فى الأرض وقد ذكر الحنفية أن القياس يقضى ببطلان هذا التعاقد بوفاة أحد طرفيه سواء كان صاحب الأرض أو الشجر أم كان المزارع أو المساقى والى هذا ذهب ابن حزم ذلك لأن العقد انما يفيد حكمه بالنسبة الى عاقديه لا بالنسبة الى غيرهما اذ لا الزام بدون التزام وأثر العقد قاصر على من عقده فاذا توفى عاقده بطل العقد غير أن الحنفية قد خالفوا القياس فيهما لأن المصلحة قضت بذلك كما خالفوه فى الاجارة عند وجود العذر القاضى ببقائها بعد الوفاة فذهبوا الى أن هذا التعاقد سواء أكان مزارعة أم مساقاة لا يبطل بوفاة أحد طرفيه جملة ولكن على تفصيل يقضى بأنه اذا مات المزارع والزرع بقل لم يدرك ولم يستغن عن الماء ورغب ورثته فى القيام مقامه الى ادراك الزرع وحصاده كان لهم ذلك وبقيت المزارعة على شروطها الى انتهاء مدتها أو حصاد الزرع والا لم يجبروا على العمل لأنهم لم يلتزموه وكذلك الحكم فى المساقاة اذا مات المساقى والشجر فى حاجة الى العمل فيه حتى ينضج ثمره فلورثته اذا أرادوا أن يقوموا مقام مورثهم فى العمل الى ادراك الثمر.

وفى تفصيل أحكام ذلك وبيان رأى المذاهب فيه (يرجع الى مصطلح مزارعة ومصطلح مساقاة (٢).


(١) راجع نهاية المحتاج ج‍ ٨ ص ٢٣٠ والأم ج‍ ٣ ص ٢٥٥.
(٢) راجع البدائع ج‍ ٦ ص ١٨٤ وما بعدها والانقروية ج‍ ٢ ص ٣١٦ وحاشية أبى السعود ج‍ ٣ ص ٣٦ والفتاوى الهندية ج‍ ٥ ص ٢٨١ والبدائع ج‍ ٤ ص ٢٢٣ ونهاية المحتاج ج‍ ٤ ص ١٨٩.