للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الايجاب لغيره عليه فيقع التعارض فيمتنع الوجوب بل انه اذا كان مستغنيا بماله كان ايجاب النفقة فى ماله أولى من ايجابها فى مال غيره.

واختلف فى حد المعسر الذى يستحق النفقة قيل هو الذى يحل له أخذ الصدقة ولا تجب عليه الزكاة وقيل هو المحتاج، ولو كان له منزل وخادم. هل يستحق النفقة على قريبه الموسر فيه اختلاف الرواية، فى رواية لا يستحق حتى ولو كان أختا لا يؤمر الأخ بالانفاق عليها وكذلك اذا كانت بنتا له أو أما وفى رواية يستحق.

النوع الثانى: الذى يرجع الى المنفق عليه فهو عجزه عن الكسب بأن كان به زمانه أو قعد أو فلج أو عمى أو جنون أو كان مقطوع اليدين أو أشلهما أو مقطعوع الرجلين أو مفقوء العينين أو غير ذلك من العوارض التى تمنع الانسان من الاكتساب حتى لو كان صحيحا مكتسبا لا يقضى له بالنفقة على غيره وان كان معسرا الا للأب خاصة والجد عند عدمه فانه يقضى بنفقة الأب وان كان قادرا على الكسب بعد ان كان معسرا على ولده الموسر.

وكذا نفقة الجد على ولد ولده اذا كان موسرا وانما كان ذلك لان المنفق عليه اذا كان قادرا على الكسب كان مستغنيا بكسبه فكان غناه بكسبه كغناه بماله فلا تجب نفقته على غيره الا الولد لان الشرع نهى الولد عن الحاق أدنى الاذى بالوالدين وهو التأفيف بقوله عز وجل «فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ» ومعنى الاذى فى الزام الأب الكسب مع غنى الولد أكثر فكان أولى بالنهى.

النوع الثالث الذى يرجع الى المنفق عليه هو الطلب والخصومة بين يدى القاضى فى نفقة غير الولاد فلا تجب بدونه لأنها لا تجب بدون قضاء القاضى والقضاء لا بد له من الطلب والخصومة.

واما الذى يرجع الى المنفق خاصة فيساره فى قرابته غير الولاد من الرحم المحرم على غير الموسر فى هذه القرابة نفقة وان كان قادرا على الكسب لان وجوب هذه النفقة من طريق الصلة، والصلات تجب على الأغنياء لا على الفقراء (١) اما قرابة الولاد فينظر اذا كان المنفق هو الأب فلا يشترط‍ يساره لوجوب النفقة عليه بل قدرته على الكسب كافية حتى تجب عليه النفقة على أولاده الصغار والكبار الذكور الذمنى الفقراء والاناث الفقيرات وان كن صحيحات.

ولو كان معسرا بعد ان كان قادرا على الكسب لان الانفاق عليهم عند حاجتهم وعجزهم عن الكسب احياؤهم واحياؤهم احياء نفسه لقيام الجزئية والعصبية واحياء نفسه واجب.

وروى عن أبى يوسف أنه قال فى صغير له والد محتاج وهو زمن فرضت نفقته على قرابته من قبل أبيه دون قرابته من دون كل من أجبرته على نفقة الأب أجبرته على نفقة الغلام اذا كان زمنا لان الأب اذا كان زمنا كانت نفقته على قرابته فكذا نفقة ولده لانه جزؤه.


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ح‍ ٤، ص ٣٤، ٣٥ نفس الطبعة السابقة.