قال: فان لم يكن له قرابة من قبل أبيه قضيت بنفقته على أبيه وأمرت الخال أن ينفق عليه ويكون ذلك دينا على الأب.
ووجه الفرق بين قرابة الأب وقرابة الأم أن قرابة الأب تجب عليهم نفقة الأب اذا كان زمنا فكذا نفقة ولده الصغير فأما قرابة الأم فلا تجب عليهم نفقة الأب ولا نفقة الولد لان الأب لا يشاركه أحد فى نفقة ولده.
واذا كان المنفق هو الابن وهو معسر مكتسب ينظر الى كسبه فان كان فيه فضل عن قوته يجبر على الانفاق الأب من الفضل لانه قادر على احيائه من غير خلل يرجع اليه وان كان لا يفضل من كسبه شئ يؤمر فيما بينه وبين الله عز وجل أن يواسى أباه اذ لا يحسن أن يترك أباه ضائعا جائعا يتكفف الناس وله كسب، وهل يجبر على ان ينفق عليه وتفرض عليه النفقة اذا طلب الأب الفرض أو يدخل عليه فى النفقة اذا طلب الأب ذلك؟ قال عامة الفقهاء: انه لا يجبر على ذلك، وقال بعضهم يجبر عليه.
واحتجوا بما روى عن عمر رضى الله عنه أنه قال «لو أصاب الناس السنة لأدخلت على أهل كل بيت مثلهم فان الناس لم يهلكوا على انصاف بطونهم. وقال النبى صلّى الله عليه وسلم: «طعام الواحد يكفى الاثنين» ووجه قول العامة أن الجبر على الانفاق والاشتراك فى نفقة الولد المعسر يؤدى الى اعجازه عن الكسب لان الكسب لا يقوم الا بكمال القوة وكمال القوة بكمال الغذاء فلو جعلناه نصفين لم يقدر على الكسب وفيه خوف هلاكهما جميعا.
هذا اذا كان الولد واحدا فان كان له أولاد صغار وزوجة ولا يفضل من كسبه شئ ينفق على أبيه فطلب الأب من القاضى أن يدخله فى النفقة على عياله يدخله القاضى ههنا لان ادخال الواحد على الجماعة لا يخل بطعامهم خللا بينا بخلاف ادخال الواحد على الواحد.
هذا اذا لم يكن الأب عاجزا عن الكسب فأما اذا كان عاجزا عنه بأن كان زمنا يشارك الابن فى قوته ويدخل عليه فيأكل معه وان لم يكن له عيال لانه ليس فى المشاركة خوف الهلاك وفى ترك المشاركة خوف هلاك الأب فتجب المشاركة وكذلك الأم اذا كانت فقيرة تدخل على ابنها فتأكل معه لكن لا يفرض لهما عليه نفقة على حدة.
أما الشرط التى ترجع الى المنفق عليه والمنفق جميعا فنوعان.
الأول اتحاد الدين فى غير قرابة الولاد من الرحم المحرم فلا تجرى النفقة بين المسلم والكافر فى هذه القرابة فأما فى قرابة الولاد فاتحاد الدين فيها ليس بشرط فيجب على المسلم نفقة أبائه وأمهاته من أهل الذمة ويجب على الذمى نفقة أولاده الصغار الذين أعطى لهم حكم الاسلام باسلام أمهم ونفقة أولاده الكبار المسلمين الذين هم من أهل استحقاق النفقة ووجه الفرق من وجهين.
أحدهما أن وجوب هذه النفقة على طريق الصلة ولا تجب صلة رحم غير الوالدين عند اختلاف الدين، ويجب صلة رحم الوالدين مع اختلاف الدين بدليل أنه يجوز للمسلم أن يبتدئ بقتل أخيه الحربى ولا يجوز له ان يبتدئ بقتل أبيه الحربى وقد قال سبحانه وتعالى «فى الوالدين الكافرين»{وَصاحِبْهُما}